اتضحت المسألة تمام الاتضاح إن شاء الله تعالى لكل من ألقى السمع وهو شهيد» .
ونَوَّهَ عن هذا الكلام ص 193 بقوله: «تحقيق بديع ... » !
أقول: لنا أن نلتمس من الأستاذ الكوثري أن يفكر في اعتقاده أن الثلاثة من حيث العددية أقل من الستة، هل يمكن أن يتشكك فيه يوماً ما مع بقاء عقله؟ فإن قال: لا، فليستعرض الاعتقادات الدينية الضرورية للإيمان، التي يرى أنه جازم حق الجزم، هل يمكن أن يتشكك في بعضها يوماً ما؟ فإن قال: لا، فقد أخرج نفسه من زمرة العلماء الذين قضى في عبارته السابقة بأن يحتمل الزوال!
وإن قال: يجوز ذلك.
قيل له: فتجويزك هذا ألا يدل على أن جزمك بتلك العقيدة دون جزمك بأن الثلاثة نصف الستة؟ .
فإن قال: قد قلت: إن هذا الأمر خارج.
قيل له: هذا الأمر الخارج إنما حاصله قوة الدليل في حق الأنبياء، وكونه دون ذلك في حق العلماء، أوليس من لازم تفاوت الأدلة في القوة تفاوت الجزم بمدلولاتها عند العارف بتفاوتها؟ فالدليل الذي الذي يكون عندك غاية في القوة، ويكون جزمك بمدلوله، وانتفاء نقيضه أقوى من جزمك بمدلول دليل دونه عندك في القوة.
فإن قال: ليس هذا بلازم الجزم قد يقع عن شبهة باطلة.
قلت: من جزم عن شبهة باطلة، فإنه لا يراها شبهة، بل يراها دليلاً قاطعاً، وكلامنا إنما هو في العالم الذي يميز بين الأدلة.
فإن عاد وقال: تفاوت الأدلة مع الجزم بمدلولاتها إنما يكون من جهة إن بعضها لا يحتمل إن تعرض شبهة تشكك فيه، وبعضها يحتمل ذلك.