فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. فأما المتكلمون فلا يبعد أن يكون أكثرهم كما قال الغزالي، وذلك أنهم لأم يتعرضوا لذلك النور والتأييد والهداية، بل تعرضوا للحرمان والإضلال بعدولهم عن الصراط المستقيم وسلوكهم غير سبيل المؤمنين، فإذا حصل لأحدهم شيء من الاعتقاد حمد نفسه قبل ربه! وقال: «إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي» أقرأ من سورة (القصص) : 78، ومن سورة (الزمر) : 49.
وإذا قيل لهم صدّقوا بما جاءت به الرسل قالوا: لا نصدق فيما يتعلق بالمعقولات، إلا بما أدركته عقولنا أو أكثر كشفنا، واستهزءوا بمن يأخذ دينه من النصوص وسموهم الحشوية [1] ، والغثاء، والغثر، وغير ذلك. قال الله تعالى: «فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ» المؤمن:83. وقال تعالى: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ» الآية - البقرة: 85.
وإذا قيل لهم آمنوا بالنصوص كما آمن بها السلف الصالح قالوا أولئك أعراض أميون جفاة لا يدرون ما المعقول، قال الله تعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ» البقرة: 13. وآل بهم الزيغ إلى نسبة الكذب إلى الله تعالى ورسله، كما يجيء بالباب الأتي، فأنا يهديهم الله تعالى؟ قال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ» النحل:104- 105.
= الإيمان في حق بعض الناس ولكن ذلك ليس بمقصور عليه وهو نادر أيضاً ... فالإيمان المستعار من الدلائل الكلامية ضعيف جداً مشرف على التزلزل بكل شبهة، بل الإيمان الراسخ أيمان العوام الحاصل في قلوبهم في الصبا بتواتر السماع والحاصل بعد البلوغ بقرائن لا يمكن العبارة عنها» . المؤلف. [1] هذا من التنابز بالألقاب وتعمد الاساءة وقد ترددت في كتب المؤولين كثيراً. زهير