قال؛ اللهمّ إلَّا أن يكون قد غلب عليه التّعصّب والعناد، وهل يليق برجل ينتسب إلى العلم يستحلّ الخوض في أعراض أئمّة الهدى من غير أن يعزي ما قاله إلى كتاب من كتبهم، بل كتبهم على خلاف ما قال هذا المفتري.
ثالثًا: إنّ ابن حجر وأمثاله ممّن طعن في شيخ الإسلام لا يُقبل طعنهم فيه؛ لأنّهم جاهلون؛ بشهادتهم على أنفسهم أنّهم مُقلِّدون، مُحَرِّمون على أنفسهم وعلى النّاس الاستهداء بالكتاب والسُّنّة، مُقِرّون على أنفسهم أنّهم لا يفهمون معاني الكتاب والسُّنّة، ولا قدرة لهم على استنباط الأحكام من الأدِلّة! وأمّا شيخ الإسلام فقد شهد له بالاجتهاد المطلق، وأنّ شروط الاجتهاد قد توفرت فيه واستجمعها: سبعون مجتهدًا في زمانه؛ فكيف يليق بالجاهل العاجز عن فهم النّصوص أن يطعن في عِرض إمام مجتهد، كتبه تشهد له بالفضل الذي لم يشاركه فيه إلَّا القليل من النّاس؟! وما لك يا ابن حجر وما لهذا الإمام؟! أشفِق على نفسك وأرِحها من العناء؛ فشيخ الإسلام لا يحطّ من قدره ما هذيتَ به، وما أدري طعنك هذا إلَّا كما قال الشّاعر:
كناطِحٍ صخرةً يومًا ليكلِمَها ... أشفِق على الرّأسِ لا تُشفِقْ على الحجرِ
وكما قيل:
لقد هَزلَتْ حتى بدا مِن هزالها ... كلاها وحتى سامها كلّ مفلِسِ
وما مثل ابن حجر ومثل شيخ الإسلام في الفرق والبعد إلَّا كما قال أمير المؤمنين أبو الحسنين سيدنا عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ورضي عنه ـ، حين قسّم النّاس إلى ثلاثة أقسام؛ فقال: «النّاس ثلاث: عالم ربانيّ ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح، لا يستضيئون بنور العلم، مفتونة قلوبهم وقلوب مَن يعجبهم شأنهم ... » إلى آخر ما قال. فأمّا شيخ الإسلام فهو من القسم الأوّل والثّاني ـ بلا نزاع ـ؛ فإنّه كان عالمًا بالكتاب والسُّنّة، مقدمًا لهما على قول كلّ