ادّعاء السّبكيّ أنّ الاستغاثة والتّوسل من الأمور الحسنة
قال السّبكيّ:
«الباب الثامن: في التّوسّل والاستغاثة والتّشفّع بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم:
اعلم أنّه يجوز ويحسن التّوسّل والاستغاثة والتّشفّع بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ربّه ـ سبحانه وتعالى ـ؛ وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكلّ ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السّلف الصّالحين والعلماء، والعوامّ من المسلمين، ولم ينكر ذلك أحد من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتى جاء ابن تيميّة؛ فتكلّم في ذلك ... » إلى آخره!
وجوابه أن يُقال: إنّ التّجويز والتّحسين ليسا من خصائص البشر؛ وإنّما ذلك من خصائص الله ورسوله؛ فما لم يشرعه الله ورسوله لا يُقال فيه: هذا جائز أو حسن.
وقوله: «هذه المسألة مُجمع عليها، ومعروفة من سير الأنبياء والسّلف، إلى حدّ زمانه» ؛ فهذا قول تردّه الأدِلّة الصّحيحة الثّابتة في الكتاب والسُّنّة وسيرة السّلف:
فأمّا القرآن: فمن أوّله إلى آخره ليس فيه آية تدلّ على ما قاله، ولا تومئ إليه؛ بل فيه ما يردّ ذلك؛ مثل: قوله ـ تعالى ـ في ردّه على المشركين حيث يقول: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} ، وقوله ـ تعالى ـ: {أم اتخذوا من دون الله شفعاء} الآية، وقوله ـ تعالى ـ: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} .
وأمّا السُّنّة: فلم يأتِ فيها حديث واحد يدلّ على طلب التّوسّل بالمعنى الذي أراده السّبكيّ، أو أنّه أفضل من سؤال الله ـ تعالى ـ والإقسام عليه بأسمائه وصفاته. وأدعيته صلى الله عليه وسلم الواردة في الصّحيح والضّعيف ليس فيها حرف يدلّ على استحسان ذلك أو جوازه.
وأمّا الإجماع: فإليك ما ورد في «الصّحيح» من توسّل أمير المؤمنين عمر بن