أسماءه وصفاته؛ ولهذا توعّد ـ سبحانه وتعالى ـ الظّانّين به ظنّ السّوء بما لم يتوعّد به غيرهم؛ كما قال ـ تعالى ـ: {عليهم دائرة السّوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جنّهم وساءت مصيرًا} ، وقال ـ تعالى ـ لمن أنكر صفة من صفاته: {وذلكم ظنّكم الذي ظننتم بربّكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} ، وقال ـ تعالى ـ عن خليله إبراهيم ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ إذ قال لقومه: {ماذا تعبدون * أإفكًا ألهة دون الله تريدون * فما ظنّكم بربّ العالمين} ؛ أي: فما ظنّكم أن يجازيكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره، وما ظننتم بأسمائه وصفاته وربوبيّته من النّقص حتى أحوجكم إلى عبوديّة غيره؟!
فلو ظننتم به ما هو أهله من أنّه بكلّ شيء عليم، وعلى كلّ شيء قدير، وأنّه غنيّ عن كلّ ما سواه، فقير إليه كلّ ما عداه، وأنّه قائم بالقسط على خلقه، وأنّه المنفرد بتدبير خلقه، لا يشرك فيه غيره، و [أنّه] العالم بتفاصيل الأمور؛ فلا تخفى عليه خافية من خلقه، والكافي لهم وحده؛ لا يحتاج [إلى معين، والرّحمن بذاته؛ فلا يحتاج] في رحمته إلى مَن يستعطفه؛ [ما اتخذتم الأنداد من دونه والوسطاء بينكم وبينه، وهذا بخلاف الملوك وغيرهم من الرؤوساء؛ فإنّهم محتاجون إلى مَن يعرّفهم أحوال الرعيّة وحوائجهم؛ من الوسطاء الذين يعينوهم على قضاء حوائجهم، وإلى مَن يسترحمهم ويستعطفهم بالشّفاعة؛ فاحتاجوا إلى الوسائط ضرورة لحاجتهم وعجزهم وضعفهم وقصور علمهم، فأمّا القادر على كلّ شيء، الغنيّ بذاته عن كلّ شيء، العالم بكلّ شيء، الرّحمن الرّحيم، الذي وسعت رحمته كلّ شيء؛ فإدخال الوسائط بينه وبين خلقه تنقّص بحقّ ربوبيّته وإلهيّته وتوحيده، وظنّ به ظنّ السّوء، وهذا يستحيل أن يشرعه لعباده، ويمتنع في العقول والفطر، وفبحه مستقرّ في العقول السّليمة فوق كلّ قبح.