وأمّا ما ذكرتم من أنّه «أشرف الوسائل» ؛ فهي كلمة حق أُريد بها باطل؛ كقلوكم: [إنّه] ذو الجاه العريض والمقام المنيع. ونحن أولى بهذا المقام منكم؛ لاتّباعنا لأقواله وأفعاله، واقتدائنا به صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، مقتفين لآثاره، واقفين عند أخباره؛ فهو صلى الله عليه وسلم نبيّنا وهادينا إلى سبيل الإسلام، ومنقذنا برسالته من مهاوي أولئك الجفاة الطّغام؛ فلا نعمل إلَّا بأمره، ونتلقّى ذلك بالسّمع والطّاعة في حلوه ومرّه، وقد أوجب علينا أن نتّبع سبيل المؤمنين، ونهانا عن الغلوّ في الدّين؛ فإن غلونا فإنّنا إذًا عن الصّراط ناكبون، ولئن عدلنا إذًا لخاسرون.
وكيف يحسن طريق يؤدي إلى الإشراك؟! وأنّى يليق بالموحّدين هذا الوجه المؤدّي للارتباك؟! وهذا طريق سلفنا الصّالح، وهو الاعتقاد الصّحيح الرّاجح. هذا؛ وإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ـ وأرواحنا له فداء ـ لا يرضى بما يُغضِب الرّبّ المتعال، وكيف لا وقد بُعث بحماية التّوحيد من هذه الأقوال والأفعال؟! وقد قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن خُلُق النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «كان خُلُقه القرآن» ، يرضى لرضاه ويسخط لسخطه، فليس لنا وسيلة إلى الله إلَّا الدُّعاء المبنيّ على أصول الذُّلّ والافتقار والثّناء؛ فهو الوسيلة التي أمرنا الله ـ سبحانه ـ بالتّوسّل به، وجعله من أفضل الوسائل، وأخبرنا أنّه مخّ عبادته تحقيقًا لعبوديّتنا؛ فسدّ به عن غيره أبواب الذّرائع.
وقد اختلف العلماء ـ بعد أن اتّفقوا على: استحباب سؤال الله ـ تعالى ـ[به] وبأسمائه وصفاته وأفعاله، وبصالح أعمالنا التي حصلت لنا بمحض كرمه وإفضاله ـ في: جواز التّوسّل بالذّوات المنيفة، والأماكن والأوقات الشّريفة:
فعن العِزّ بن عبد السّلام ومَن تابعه: عدم الجواز إلَّا بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ حيث صحّ الحديث؛ فيجوز، ويكون ذلك خاصًّا به؛