قال العلّامة عمر بن عبد الرحمن الفارسيّ في كشفه على الكشّاف للزّمخشريّ، عتد تفسير قوله ـ تعالى ـ: {يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الذي خلقكم} : «وهو خطاب لمشركي أهل مكّة، ونقل عن علقمة أنّ كلّ خطاب بـ {يا أيّها النّاس} فهو مكيّ، وبـ {يا أيّها الذين آمنوا} فهو مدنيّ» ؛ ما لفظه:
«تحرير الكلام فيه: أنّ العبادة قد تُطلق على: أعمال الجوارح، بشرط قصد القربة؛ ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم: «لفقيه واحد أشدّ على الشّيطان من ألف عابد» ، وهي على هذا غير الإيمان بمعنى التّصديق والنّيّة والإخلاص؛ بل مشروطة بها، وقد تُطلق على: التّحقّق بالعبوديّة بارتسام ما أمر السّيّد ـ جلّ وعلا ـ أو نهى، وعلى هذه؛ يتناول الأعمال والعقائد القلبيّة أيضًا؛ فيدخل فيها: الإيمان، وهو عبادة في نفسه وشرط لسائر العبادات» انتهى.
وقال ابن القيّم في شرح «منازل السّائرين» ما نصّه: «فالعبادة تجمع أصلين: غاية الحبّ بغاية الذُّلّ والخضوع، والعرب تقول: طريق معبّد؛ أي: مذَلّل، والتّعبّد: التّذلّل والخضوع؛ فمَن أحببتَه ولم تكن خاضعًا له لم تكن عابدًا له، ومَن خضعتَ له بلا محبّة؛ لم تكن عابدًا له؛ حتى تكون محبًّا خاضعًا» .
ثم قال ـ في مكان آخر من شرحه هذا ـ: «مراتب العبوديّة وأحكامها لكلّ واحد من القلب واللّسان والجوارح.