{وتعاونوا على البرّ والتّقوى} .
وأمّا ما لا يقدر عليه إلَّا الله؛ فلا يُستغاث فيه إلَّا به؛ كغفران الذّنوب، والهداية، وإنزال المطر، والرزق، ونحو ذلك؛ كما قال ـ تعالى ـ: {ومَن يغفر الذّنوب إلَّا الله} ، وقال: {إنّك لا تهدي مَن أحببت ولكنّ الله يهدي مَن يشاء} ، وقال: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السّماء والأرض} . وعلى هذا؛ يُحمل ما أخرجه الطّبرانيّ في «معجمه الكبير» : أنّه كان في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين؛ فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «إنّه لا يُستغاث بي؛ وإنّما يُستغاث بالله» ؛ فمراده صلى الله عليه وسلم: أنّه لا يُستغاث به فيما لا يقدر عليه إلا الله، وأمّا ما يقدر عليه المخلوق؛ فلا مانع من ذلك؛ مثل: أن يستغيث المخلوق بالمخلوق ليعينه على حمل حجر، أو: يحول بينه وبين عدوّه الكافر، أو: يدفع عنه سبعًا صائلًا، أو لصًّا، أو نحو ذلك.
وقد ذكر أهل العلم: أنّه يجب على كلّ مكلف أن يعلم أن: لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلَّا الله ـ سبحانه وتعالى ـ، وأنّ كلّ غوث من عنده، وإذا حصل شيء من ذلك على يد غيره؛ فالحقيقة له ـ سبحانه ـ، ولغيره مجاز، ومن أسمائه: المغيث والغياث.
قال أبو عبد الله الحليميّ: الغياث هو المغيث، وأكثر ما يقال: يا غياث المستغيثين، ومعناه: المدرك عباده في الشّدائد إذا دعوه ومجيبهم ومخلّصهم، وفي خبر الاستسقاء في الصّحيحين: «اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا» ، إغاثة وغياثة وغوثًا،