التّوسّل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركًا ـ كما يزعمه المتشدّدون في هذا الباب (كابن عبد السّلام ومَن قال بقوله من أتباعه) ؛ لم تحصل الإجابة من الله لهم، ولا سكت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم؛ وبهذا [تعلم] أنّ ما يورده المانعون من التّوسّل إلى الله ـ تعالى ـ بالأنبياء والصّلحاء من نحو قوله ـ تعالى ـ: {ما نعبدهم إلَّا ليقربونا إلى الله زلفى} ، ونحو قوله ـ تعالى ـ: {فلا تدعوا مع الله أحدًا} ، ونحو قوله ـ تعالى ـ: {له دعوة الحقّ والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء} ؛ ليس بوارد؛ بل هو من الاستدلال على محلّ النزاع بما هو أجنبيّ عنه؛ فإنّ قولهم {ما نعبدهم إلَّا ليقربونا إلى الله زلفى} مصرّح بأنّهم عبدوهم لذلك، والمتوسّل بالعالم ـ مثلًا ـ لم يعبده؛ بل علم أنّ له مزية عند الله بحمله العلم؛ فتوسّل به لذلك. وكذلك قوله: {فلا تدعوا مع الله أحدًا} ؛ فإنّه نهى عن أن يدعى مع الله غيره؛ كأن يقول: بالله وبفلان، والمتوسّل بالعالم ـ مثلًا ـ لم يدعُ إلَّا الله، وإنّما وقع منه التّوسّل إليه بعمل صالح عمله بعض عباده، كما توسّل الثّلاثة الذين انطبقت عليهم الصّخرة بصالح أعمالهم.
وكذلك قوله: {والذين يدعون من دونه} الآية؛ فإنّ هؤلاء دعوا مَن لا يستجيب [لهم] ، ولم يدعوا ربّهم الذي يستحبب لهم، والمتوسّل بالعالم ـ مثلًا ـ لم يدعُ إلا الله، ولم يدع غيره دونه، ولا [دعا] غيره معه.
وإذا عرفتَ هذا؛ لم يخفَ عليك دفع ما يورده