الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصّور؛ فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرّجل أو العبد الصّالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوّرا فيه تلك الصّور؛ أولئك شرار الخلق عند الله» .
ولابن خزيمة، عن مجاهد: {أفرأيتم اللَّات والعزّى} قال: «كان يلت له السّويق، فمات؛ فعكفوا على قبره» .
وكلّ عاقل يعلم أنّ لزيادة الزّخرفة للقبور وإسبال السّتور الرّائقة عليها وتسريجها والتّأنّق في تحسينها تأثيرًا في طبائع غالب العوامّ؛ ينشأ عنه التّعظيم والاعتقادات الباطلة، وهكذا إذا استعظمت نفوسهم شيئًا ممّا يتعلّق بالأحياء؛ وبهذا السبب اعتقدت كثيرٌ من الطوائف الإلهيّةَ في أشخاص كثيرة!
ورأيتُ في بعض كتب التاريخ أنّه قدم رسول لبعض الملوك على بعض خلفاء بني العبّاس؛ فبالغ الخليفة في التّخويل على ذلك الرسول، وما زال أعوانه ينقلونه من رتبة إلى رتبة؛ حتى وصل إلى المجلس الذي يقعد الخليفة في برج من أبراجه، وقد جمّل ذلك المنزل بأبهى الآيات، وقعد فيه أبناء الخلفاء وأعيان الكبراء، وأشرف الخليفة من ذلك البرج، وقد انخلع قلب ذلك الرسول ممّا رأى؛ فلمّا وقعت عيناه على الخليفة؛ قال لمن هو قابض على يده من الأمراء: أهذا الله؟! فقال ذلك الأمير: بل هذا خليفة الله. فانظر [ما] صنع ذلك التّحسين بقلب هذا المسكين!