وترك الصّلاة من الكفر العمليّ؛ وتحقيقه: أنّ الكفر: كفر عمل وكفر جحود وعناد؛ فكفر الجحود: أن يكفر بما علم أنّ الرّسول جاء به من عند الله جحودًا وعنادًا؛ فهذا الكفر يضادّ الإيمان من كلّ وجه، وأمّا كفر العمل فهو نوعان: نوع يضادّ الإيمان، ونوع لا يضادّه. ثم نقل عن ابن القيّم كلامًا في هذا المعنى، ثم قال السّيد المذكور:
قلتُ: ومن هذا ـ يعني: الكفر العمليّ ـ: مَن يدعو الأولياء، ويهتف بهم عند الشّدائد، ويطوف بقبورهم، ويقبّل جداراتها، وينذر لها بشيء من ماله؛ فإنّه كفر عمليّ لا اعتقاديّ؛ فإنّه مؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وباليوم الآخر، لكن زيّن له الشّيطان أنّ هؤلاء عباد الله الصّالحين ينفعون ويشفعون ويضرّون؛ فاعتقدوا ذلك كما اعتقده أهل الجاهليّة في الأصنام، لكنّ هؤلاء مثبتون التّوحيد لله، لا يجعلون الأولياء آلهة، كما قاله الكفار إنكارًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا دعاهم إلى كلمة التّوحيد: {أجعل الآلهة إلهًا واحدًا} ؛ فهؤلاء جعلوا لله شركاء حقيقة؛ فقالوا في التّلبية: «لبّيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك» ؛ [فأثبتوا للأصنام شركة مع ربّ الأنام، وإن كانت عباراتهم الضالّة قد أفادت أنّه لا شريك له] ؛لأنّه إذا كان يملكه وما ملك فليس بشريك له ـ تعالى ـ؛ بل هو مملوك؛ فعبّاد الأصنام الذين جعلوا لله أندادًا واتّخذوا من دونه شركاء ـ وتارة يقولون: شفعاء ـ يقرّبونهم إلى الله زلفى، بخلاف جهلة المسلمين الذين اعتقدوا في أوليائهم النّفع والضّرّ؛ فإنّهم مقرّون لله بالوحدانيّة وإفراده بالإلهيّة، وصدّقوا رسله؛ فالذي أتوه من تعظيم الأولياء كفر عمل لا اعتقاد. فالواجب: