لا أعرف ربّي في السّماء أم في الأرض؛ فقد كفر؛ لأنّ الله ـ تعالى ـ يقول: {الرّحمن على العرش استوى} ، عرشه فوق سبع سموات. قلتُ: فإن قال: إنّه على العرش ولكنّه يقول: لا أدري العرش في السّماء أم في الأرض؟ قال: هو كافر؛ لأنّه أنكر أن يكون في السّماء؛ لأنّه ـ تعالى ـ في أعلى عليّين، وأنّه يدعى من أعلى لا من أسفل» .
وفي لفظ: «سألتُ أبا حنيفة عمّن يقول: لا أعرف ربّي في السّماء أم في الأرض» ، وذكر كلامًا قريبًا من الأوّل. انتهى.
قلتُ: وهذا كتاب «الفقه الأكبر» معروف مشهور، صحّت نسبته لأبي حنيفة بشهادة المتقدّمين والمتأخّرين من أصحابه؛ فممّن شرحه من المتقدّمين: الإمام أبو منصور الماتريديّ، ومن المتأخّرين: الشّيخ عليّ بن سلطان القاري، والشّرحان مطبوعان بالهند؛ فلا حاجة بنا إلى نقل جميع مسائله. ومن طالع خطبة «المبسوط» لشمس الأئمّة السّرخسيّ، وخطبة أصول الإمام البزوديّ؛ علم قطعًا أنّ أصحاب أبي حنيفة كانوا على عقيدة السّلف في إثبات الصّفات التي ورد بها السّمع، من غير تأويل ولا تمثيل. والله الموفّق.