بالمقبور» ـ التي طبعت بمصر ـ؛ تجد فيها ما يثلج الصدر ويوضح الأمر؛ فإنه ـ رحمه الله تعالى ـ بسط فيها القول بسطًا وافيًا، مؤيدًا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية؛ فقطع بها شُبَه المبتدعين، وأدحض حُجَج المعاندين، ولأجل أنها مطبوعة ومشهورة اكتفيت بالإشارة إليها والعزو إليها، وهكذا أفعل في كل كتاب يكون مطبوعًا ومشهورًا؛ فإني أكتفي في تأليفي هذا بالإشارة إليه، وربما أذكر منه جملة وأنبه على بقية ما فيه؛ روم الاختصار وتسهيلًا على من يريد الإرشاد؛ فإني لو ذهبت أذكر [كل ما] ورد من الرد على الزيارة البدعية وما قالته العلماء قديمًا وحديثًا في بيانها وكشف حالها؛ لاحتجت إلى سفر ضخم؛ فأكتفي بالإشارة إلى الكتب التي أُلفت في هذا الباب؛ ليقف الناظر عليها، ويرجع في ذلك إليها، وحيث أن أكثرها ـ ولله الحمد ـ قد طُبعَ وانتشرَ فلا حاجة بي إلى نقل جميع عباراتها، والله الهادي.
ولقد فتح هذا المعترض على المسلمين الموحدين بابًا عظيمًا من الشرك والضلال بهذا القسم الثالث ـ أعني: قوله: «زيارتها للتبرك بأهلها إذا كانوا من أهل الخير والصلاح» ـ، وجاء بعده علماء سوء فزادوا في الطنبور نغمة وفي الطين بِلْة؛ فجوَّزوا للناس تقبيل القبور، ومسحها والطواف بها، والنذر والذبح لها، والاستغاثة بأهلها؛ فلا تكاد تسمع عند قبور الصّالحين ذكر الله أبدًا؛ بل تسمع الزائرين يهتفون بأسماء أهلها، ويطلبون منهم حوائج الدنيا والآخرة؛ فتراهم ركَّعًا سجَّدًا يبتغون فضلًا من صاحب القبر ورضوانًا، سيماهم السواد في وجوههم من أثر السجود لغير الله؛ فإنها ما عُفِّرت ولا مُرِّغَت لأجله، وتراهم متذللين خاشعين خاضعين ناكسي رؤوسهم، فوالله لو فعلوا ذلك لله ـ عز وجل ـ في صلاتهم وعبادتهم؛ لكانوا من الفائزين المفلحين.
وهذا الذي ذكرته بعض ما رأيته وسمعته. فنعوذ بالله من أن نعبد غيره أو نستعين بأحدٍ سواه. وقد أخبرني الثقة من أهل حضرموت أنهم في بلادهم يأتون إلى القبور الصّالحين من السادة وغيرهم، ومعهم العقائر من الإبل وغيرها؛ فيقفون عند صاحب القبر ويقولون: يا فلان! ـ يسمونه باسمه ـ هذه عقيرتك؛ فيضربون قوائمها