«الدين الخالص» وغيره من كتبه. وغيرهم مما لم أطلع على مصنفاتهم؛ فكلٌّ منهم قد أجاد وأفاد؛ فلعل المسترشد إذا رجع إلى أي كتاب من هذه الكتب التي ذكرناها لم يبقَ عنده شبهة من الشُّبَه التي راجت على الجهَّال، وإن كانوا قد سمَّوا أنفسهم علماء؛ فإن العالم هو الذي يقف عند ما شرعه الله ورسوله ولم يتجاوزه إلى رأي أحد من الناس كائنًا من كان.
فصل
وهؤلاء الذين جاءوا من بعد السبكي وأضرابه لم يكتفوا بما ذكرناه عنهم من جواز تقبيل القبر ومسحه والتبرك بترابه؛ بل اعتقدوا في أهلها أنهم لهم قدرة على الإحياء والإماتة والعطاء والمنع، وإليك ما قاله كبيرهم ـ هو أحمد بن حجر المكي ـ في كتابه «الفتاوي الحديثية» ؛ فقد ذكر فيها عن الشيخ عبد القادر الكيلاني أنه أحيا دجاجة! فانظر ـ رحمك الله ـ إلى هذ الجاهل كيف أدَّاه جهله إلى مثل هذه السخافات والتُّرهات، وليت شعري! إذا كان الشيخ عبد القادر الكيلاني له قدرة على إحياء دجاجة؛ فلِمَ لم يُحْيي إمامًا من الأئمة الأربعة ـ مثل: مالك والشافعي وأحمد ـ؛ حتى ينتفع الناس بعلمه، ويُصلح الدين مما طرأ عليه من البدع والمفاسد التي لا يحصيها إلا الله ـ عز وجل ـ؟! وفي زمانه ـ رحمه الله تعالى ـ قد كثرت البدع