استدل ابن عبد البر وغيره من العلماء رحمهم الله على جواز أخذ الثمر على الشجر عما في الذمة إذا علم أنه دون حقه إرفاقا بالمدين وإحسانا إليه وسماحة بأخذ الحق ناقصا وترجم البخاري رحمه الله: بهذا الشرط فقال "إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز" ساق حديث جابر رضي الله عنه أيضا فاما إذا كان يحتمل أنه دون حقه أو مثله أو فوقه فهذا غير جائز أن يأخذ عما في الذمة شيئا مجازفة أو خرصا لا سيما إذا كان دين سلم لما روى البخاري وغيره عن ابن عمرو رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وسلم قال "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم" ومضمون هذا الحديث عام وبه اخذ الجمهور وقد يقال أن قضية جابر قضية عين لا عموم لها ويترجح المنع سدا للذريعة لا سيما في هذه إلا وقات لكثرة الجهل والجراءة بأدنى شبهة والله أعلم.
"المسألة الثانية عشرة" ما حكم الباطل والفاسد عند أهل الأصول الخ.
"الجواب" هما مترادفان عند الأصوليين والفقهاء من الحنابلة والشافعية وقال: أبو حنيفة أنهما متباينان "فالباطل" عنده ما لم يشرع بالكلية كبيع المضامين والملاقيح "الفاسد" ما شرع اصله ولكن امتنع لاشتماله على وصف محرم كالربا وعند الجمهور كل ما كان منهيا عنه إما لعينه أو وصفه ففاسد وباطل لكن ذهب بعض الفقهاء من الحنابلة إلى التفرقة بين ما أجمع على بطلانه وما لم يجمع عليه فعبروا عن الأول بالباطل وعن الثاني بالفاسد ليتميز هذا من هذا لكون الثاني تترتب عليه أحكام الصحيح غالبا أو أنهم قصدوا الخروج من الخلاف في نفس التعبير لأن من عادة الفقهاء من أهل المذاهب رحمهم الله تعالى مراعاة الخروج من الخلاف وبعضهم يعبر بالباطل عن المختلف فيه مراعيا للأصل ولعل من فرق بينهما في التعبير لا يمنع من تسمية المختلف فيه باطلا فلا اختلاف ومثل ذلك خلافهم في الفرض والواجب قال في القواعد الأصوليه إنها مترادفان شرعا في اصح الروايتين عن أحمد اختارها جماعة منهم ابن عقيل وقاله الشافعية وعن أحمد الفرض آكد اختارها جماعة.