وقد عرفتم أرشدكم الله تعالى: إن الله بعث محمد صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل وأهل الأرض قد عمتهم الجهالة وغلبت عليهم الضلالة عربهم وعجمهم إلا من شاء الله من بقايا أهل الكتاب فأول دعوته صلى الله عليه وسلم رد الخلق إلى الله وأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الأنداد والآلهة وهذا هو الذي دلت عليه كلمة الإخلاص وهو أول دعوة الرسل وأول الواجبات والفرائض وهذا هو أهم الأمور وأوجبها على الخلق كما في الحديث "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" وكان من هديه صلى الله عليه وسلم: أن يبعث عماله ويرسل رسائله إلى أهل الأرض ويدعوهم إلى هذا يبدأ به قبل كل شيء ولا يأمر من الأركان إلا بعد التزامه ومعرفته كما دل عليه حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن وغيره من الأحاديث.
وقد حصل في الناس ما لا يخفى من الإعراض والإهمال وعدم الرغبة والتنافس فيما أوجبه الرب من توحيده وفرضه على سائر عبيده وقل الداعي إلى ذلك والمذكر به والمعلم له في القرى والبوادي والتساهل في هذه الأمور العظام يوجب للرعية أن يشب صغيرهم ويهرم كبيرهم على حالة جاهلية والله سائلنا وسائلكم الدعاة إليه وجعل أموال الله التي بأيديكم آلة ووقاية وحماية وإعانة وبقاء الإسلام والإيمان: في استقامة الولاة والأئمة على ذلك وزوال الإسلام والإيمان وانقضاؤه: بانحرافهم عن ذلك وجعل الهمة والأموال والقوة مصروفة في غيره مقصود بها سواه فأهم المهمات وآكد الأصول والواجبات التفكر في هذا وتفقد الخاصة والعامة البادية والحاضرة وفي الحديث "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ومن الدعوة الواجبة والفرائض اللازمة جهاد من أبى أن يلتزم التوحيد ويعرفه ومن البادية وغيرهم وقد أفلح من كان لله محياه ومماته وخاف الله في الناس ولم يخف الناس في الله.
وكذلك يجب على ولي الأمر أن لا يقوم من نسب عنه طعن أو قدح في شيء من دين الله ورسوله أو تشبيه على المسلمين في عقائدهم ودينهم