نام کتاب : الملل والنحل نویسنده : الشهرستاني جلد : 1 صفحه : 19
المقدمة الرابعة:
في بيان أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية, وكيفية انشعابها، ومن مصدرها، ومن مظهرها:
وكما قررنا أن الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك الشبهات التي وقعت في أول الزمان، كذلك يمكن أن نقرر في زمان كل نبي ودور صاحب كل ملة وشريعة: أن شبهات أمته في آخر زمانه؛ ناشئة من شبهات خصماء أول زمانه من الكفار والملحدين وأكثرها من المنافقين. وإن خفي علينا ذلك في الأمم السالفة لتمادى الزمان، فلم يخف في هذه الأمة أن شبهاتها نشأت كلها من شبهات منافقي زمن النبي عليه السلام، إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى، وشرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه ولا مسرى، وسألوا عما منعوا من الخوض فيه، والسؤال عنه، وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه.
اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي إذ قال: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، حتى قال عليه الصلاة والسلام: "إن لم أعدل فمن يعدل؟ " فعاود اللعين وقال:
وتلك في الأول مصدرها، وهذه في الآخرة مظهرها. وإليه أشار التنزيل في قوله تعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [1].
وشبه النبي صلى الله عليه وسلم كل فرقة ضالة من هذه الأمة بأمة ضالة من الأمم السالفة، فقال: "القدرية مجوس هذه الأمة" وقال: "المشبهة يهود هذه الأمة، والروافض نصاراها" وقال عليه الصلاة والسلام جملة: "لتسلكن سبل الأمم قبلكم حذو القذة بالقذة [2]، والنعل بالنعل، حتى لو دخلو جحر ضب لدخلتموه". [1] البقرة آية 168. [2] القذة؛ بالضم، ريش السهم. وتجمع على قذذ.
نام کتاب : الملل والنحل نویسنده : الشهرستاني جلد : 1 صفحه : 19