responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات نویسنده : ابن الوزير    جلد : 1  صفحه : 244
الْوَجْه الرَّابِع أَن قَوْله تَعَالَى {وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} وَمَا فِي مَعْنَاهَا من آيَات هَذَا النَّوْع كلهَا أَدِلَّة خَاصَّة تدل على أَن أول مَا يَقع من الْمُكَلف من الذُّنُوب كَائِن بِالتَّخْلِيَةِ بَينه وَبَين نَفسه لاقامة الْحجَّة حجَّة الْعدْل عَلَيْهِ وَقطع أعذاره الْبَاطِلَة من دون اضلال من الله تَعَالَى فِي هَذِه الْحَال وَلَا تيسير للعسرى وَلم يبْق من الله تَعَالَى فِي مثل هَذَا الْحَال إِلَّا القدرالذي بِمَعْنى الْعلم وَالْكِتَابَة وارادة الْعَاقِبَة الْمُسْتَحقَّة بِالْعَمَلِ وارادة اقامة الْحجَّة على العَبْد فِي تِلْكَ الْعَاقِبَة كَمَا يذكر فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم كثيرا من الْجِنّ وَالْإِنْس} فان ارادة الله تَعَالَى عَذَابهمْ لم تعلق بِهِ إِلَّا حِين يكون حَقًا مُسْتَحقّا عَلَيْهِم بذونهم بالاجماع وَإِنَّمَا الْخلاف فِي جَوَاز تقدم الارادة للعقاب الْمُسْتَحق لَا فِي أَنَّهَا تعلّقت بِغَيْر مُسْتَحقّ فَمن فسر الارادة بِالْعلمِ من الْمُعْتَزلَة كالبغدادية وَأبي الْحُسَيْن لَا يُمكنهُم تقبيح تقدمها وَكَذَلِكَ من يَجْعَل تقدمها أمرا وَاجِبا مستحيلا خِلَافه كالأشعرية
وَقَوْلنَا أَنه لَا يجوز الاضلال فِي أول أَحْوَال التَّكْلِيف حَتَّى يسْتَحق العَبْد ذَلِك بِالْمَعَاصِي يُنَاسب قَول أبي عَليّ بِالْمَنْعِ من الزِّيَادَة فِي الدَّوَاعِي إِلَى الْقَبِيح الَّتِي يعلم الله تَعَالَى عِنْدهَا أَن الْمُكَلف يخْتَار الْقَبِيح بِخِلَاف أبي هَاشم فانه يُجِيز ذَلِك كالأشعرية لَكِن لَا يُسَمِّيه اضلالا إِنَّمَا يُسَمِّيه امتحانا وابتلاء لَكنا لم نقل ذَلِك بِالنّظرِ الْعقلِيّ وَإِنَّمَا قُلْنَاهُ بتأمل كتاب الله تَعَالَى وقضينا بِأَنَّهُ مُحكم الْقُرْآن لموافقة الْعقل وَالنَّظَر فَهُوَ مُحكم عقلا وسمعا أما الْعقل فَلِأَنَّهُ من قبيل الْجَزَاء وَالْعَذَاب الاخروي وَقد ورد السّمع بِجَوَاز تَقْدِيم بعضه وَهُوَ الْمُسَمّى بِالْعَذَابِ الْأَدْنَى فِي كتاب الله تَعَالَى وَنَصّ على ذَلِك الامام الْمَنْصُور بِاللَّه من الْأَئِمَّة وَأما أَحْكَامه سمعا فَلِأَنَّهُ الْمَنْصُوص فان قَوْله تَعَالَى {وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} نَص فِي ذَلِك والمعارض لَهُ غير صَحِيح فِي ارادة الله تَعَالَى وُقُوع ذَنْب العَبْد قبل اسْتِحْقَاقه الْعقُوبَة بذلك
وَهنا تَلْخِيص جيد مُفِيد وَهُوَ أَنه لَا خلاف أَن الله تَعَالَى لَا يُعَاقب إِلَّا بعد الِاسْتِحْقَاق بالمعصية لقَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} وَلقَوْله تَعَالَى {وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة أمرنَا مُتْرَفِيهَا ففسقوا فِيهَا فَحق عَلَيْهَا القَوْل}

نام کتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات نویسنده : ابن الوزير    جلد : 1  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست