نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم جلد : 1 صفحه : 120
فيلسوف "تدمر" لونجينوس:
لم ينبغ في "تدمر" أحد من رجالها ورجال الفكر المتميزين سوى: "دبونيسيسوس كاشيوس لونجينوس" ويرجح أنه من مواطني حمص، وقد درس أولا في الإسكندرية ثم في أثينا حيث كان من تلامذة "فيرفريوس"، وكانت أمه سورية وعرفت اللغة السوريانية؛ وكان من معاصريه "أميليوس الأنامي"، ويعتبر هذا الفيلسوف التدمري فريدًا في عصر كثر فيه الثرثارون الخياليون، وبلغ من سعة معلوماته أن وصفه أحد معاصريه بأنه مكتبة حية ومتحف متنقل. "ولونجنيوس" هو الذي علم "زنوبيا" الأدب اليوناني، وأصبح مستشارها بعد ذلك، ولسوء الحظ لم يبق من مؤلفاته سوى بعض الفقرات والمقتطفات، وترينا هذه بأنه قد بقي وثنيا رغم أنه لم يكن مناوئا لليهودية والمسيحية وتحمل القتل على يدي الرومان برباطة جأش وبشاشة وجه حريتين بجعله كسقراط.
وتعتبر آثار "تدمر" من أكثر المناظر جلالا في الصحراء، وقد تحول معبد "بعل" الذي يقوم على سطح مرتفع إلى ما يشبه المتحف، ووجدت فيه أشكال نساء محجبات وهن يساهمن في احتفال ديني؛ وكانت الحضارة "التدمرية" حضارة غريبة فهي مزيج من عناصر سورية ويونانية وفارسية، ولا شك أن السكان الأصليين كانوا قبائل عربية وقد تبنوا في كلامهم وكتابتهم اللغة الآرامية السائدة، وبقيت أكثرية السكان عربية رغم امتزاجها بالآراميين، ولا شك أن الطبقة المثقفة كانت تتكلم اليونانية زيادة على الآرامية، ويظن أن رجال الأعمال كانوا يفهمون اللغة العربية كما كان يستعملها بعض "التدمريين" كلغة دارجة[1]. [1] السابق ص444.
نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم جلد : 1 صفحه : 120