نام کتاب : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل نویسنده : الجعفري، صالح جلد : 1 صفحه : 486
الحجّة الخامسة: إن كان أقنوم المسيح قد صارا [أقنوماً] واحداً، وأحدهما زمني والآخر أزلي، فقد صار الأزلي زمنيّاً والزمنيّ أزليّاً، أو صار منهما شيء آخر لا أزلي ولا زمني وذلك محال. وعلى هذا يبطل فعل [أقنوم] الإنسان وهو الأكل والشرب وغيره، وقد وُصِف المسيح به (2/21/ب) بذلك، أو يبطل فعل [أقنوم] الإله؛ وهو إحياء الميت وتطهير الأرض وقد وُصف المسيح به.
الحجّة السّادسة: إن كان [الأقنومان] قد صارا [أقنوماً] واحداً منع تنافي طباعهما فهذا إنما يتم بالامتزاج والاختلاط، فيلزم أن يتغير الإله ويستحيل مع طبع الإنسان، وذلك متعذر على ذات الباري تعالى.
وأكثر الحجج الواردة على الفرقة الأولى ورادة على الفرقة الثانية لقولها باتّحاد الأقنوم.
الفرقة الثّالثة:
فرقة النسطور[1] وهم نصارى المشرق المنسوبون إلى نسطورس
أخذوا الأمانة [1] النسطورية: نسبة إلى نسطوريوس الذي ولد بسوريا (380م - ت 451م) - وقد أخطأ الشهرستاني في قوله: "إن نسطور الملقب بالحكيم ظهر في زمان المأمون". وقد أصبح نسطور بطريكاً على القسطنطينية سنة 428م، لمدة أربع سنين إلى أن أعلن مذهبه - الذي تأثر فيه بأستاذه ثيودور المبسوستيائي ت 428م - بأن مريم العذراء أم المسيح الإنسان وليست والدة الإله، ولذلك كان إثبات أحدهما الإنسان الذي هو مولود من مريم، وأن هذا الإنسان الذي يقول إنه المسيح بالمحبة متوحد مع ابن الإله، ويقال له: الإله وابن الإله، ليس على الحقيقة ولكن على المجاز.
ولما قال نسطور مقالته تلك كاتبه كيرلس بطريرك الإسكندرية ويوحنا بطريرك أنطاكية ليعدل عن رأيه ولكنه لم يستحب. فانعقد لذلك مجمع أفسس سنة 431م وتقرر فيه: وضع مقدمة قانون الإيمان، وأن مريم العذراء والدة الله، وأن للمسيح طبيعتان لاهوتية وناسوتية في أقنوم واحد، وتقرر أيضاً خلع نسطور من الكنيسة ولعنه ونفيه إلى مصر.
ويذكر المؤرخ ابن البطريق في التاريخ ص 152؛ "أن مقالة نسطور قد اندثرت، فأحياها من بعده بزمان طويل برصوما (ت 490م) مطران نصيبين في عهد قباذ بن فيروز ملك فارس، وثبتها في الشرق وخاصة أهل فارس. فلذلك كثرت النسطورية بالمشرق وخاصة أرض أهل فارس بالعراق والموصل ونصيبين والفرات والجزيرة".اهـ.
وهذا يفسر لنا سبب انحراف النسطوريين عن مقالة نسطور الأصلية، فقد مالوا إلى القول بامتزاج اللاهوت (ابن الإله) في الناسوت، وبأن المسيح أقنومان وطبيعتان لهما مشيئة واحدة، وإليهم أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ... } . [سورة التوبة، الآية: 30، 31] . ولا تزال توجد منهم جماعات متفرقة في آسيا وخاصة في العراق وإيران والهند والصين، ومع أن الكنيسة الكاثوليكية أدخلتهم في خظيرتها إلاّ أنهم لا يزالون ينكرون عبادة مريم.
(ر: قصة الحضارة 2/100، 101، مجموعة الشرع الكنسي ص 288-293، دائرة المعارف 7/269، قاموس أكفسورد ص 961، 962، الملل والنحل 1/224، 225، للشهرستاني، الفصل 1/111، لابن حزم، محاضرات في النصرانية ص 157-159، لأبي زهرة) .
وكان لأتباع النسطورية تأثير بالغ في ظهور الفرق المنتسبة إلى الإسلام، وخصوصاً الغلاة منها إلتي ظهرت في المشرق، قد تأثرت الشيعة بعقائدهم وخاصة حلول اللاهوت في الإمام أو أن الإمام له طبيعة إلهية. (الملل 2/53 للشهرستاني) . وكان لهم شأن خطير في ترجمة كتب اليونان وخاصة كتب الفلسفة التي أفسدت عقائد المسلمين وسرَّبت إليهم الأفكار المنحرفة التي تأثرت بها فرقة المعتزلة تأثراً كبيراً وخاصة في تحكيم العقل والقول بنفي القدر ونحوه.
نام کتاب : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل نویسنده : الجعفري، صالح جلد : 1 صفحه : 486