ثم بنى ـ رحمه الله ـ على ما سبق قوله:
" ونعتقد أنَّ الحروف المكتوبة والأصوات المسموعة عينُ كلام الله عز وجل، لا حكاية ولا عبارة "
قول المصنف ـ رحمه الله ـ: إنَّ الحروف المكتوبة عين كلام الله كلام واضح، فالقرآن الذي هو كلام الله مكون من سور، والسور مكونة من كلمات، وهذه الكلمات مكونة من أحرف. وعندما يقال: القرآن كلام الله أي بحروفه وكلماته وسوره وآياته، فالحروف المكتوبة في القرآن هي عين كلام الله، وأمَّا الحبر والمداد الذي كتبت به فإنَّه مخلوق، وقد دلت السنة وآثار السلف ـ رحمهم الله ـ على أنَّ القرآن مكون من أحرف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"[1].
وهذا الذي لأجله أتى المصنف ـ رحمه الله ـ بالحروف المقطعة ـ كما تسمى بذلك عند عامة المفسرين ـ ليبين أنَّ الحروف المكتوبة في المصحف هي عين كلام الله عز وجل؛ لأنه هو الذي تكلم بها لا غيره، ولا تخرج بكتابتها بالحبر والمداد عن كونها من كلام الله، فالقرآن أينما توجَّه فهو كلام الله، سواء كُتب في السطور، أو حُفظ في الصدور، أو تُلي بالألسن، وقد مضت الأدلة على ذلك.
أما قوله: " والأصوات المسموعة عين كلام الله عز وجل " فهذا محل نظر؛ لأنَّه إن أريد بالأصوات صوت القارئ فهو مخلوق باتفاق السلف، ولهذا يقولون: الكلام كلام الباري والصوت صوت القاري
فالمقرؤ المتلو كلام الله غير مخلوق، لكن الصوت وحركة لسان العبد [1] سبق تخريجه.