والتجويد، فهو مطلوب بحدود ما دلت عليه السنة وعمل السلف ـ رحمهم الله ـ، لكن المقصود عدم الانشغال به عن إقامة حدود القرآن وتدبر معانيه والعمل بما يقتضيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في بيانه لحال صاحب القرآن الذي ينال بالقرآن رفيع الدرجات وعالي المنازل:"فهو دائم التفكر في معانيه، والتدبر لألفاظه واستغنائه بمعاني القرآن وحكمه عن غيره من كلام الناس، وإذا سمع شيئاً من كلام الناس وعلومهم عرضه على القرآن، فإن شهد له بالتزكية قبله وإلا ردَّه، وإن لم يشهد له بقبول ولا ردٍّ وقفه، وهمته عاكفة على مراد ربه من كلامه. ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن، إما بالوسوسة في خروج حروفه، وترقيقها، وتفخيمها، وإمالتها، والنطق بالمد الطويل، والقصير، والمتوسط، وغير ذلك؛ فإنَّ هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه ... [1].
" يتعجلون أجره " أي: يريدون أجره في الدنيا.
" ولا يتأجلونه " أي: لا يتأجلون أجره ثواباً عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، وإنما يريدون أجرهم على التلاوة في الدنيا، ولهذا بعضهم يمتهن نفسه، فيأتي في المآتم ونحوها يرتزق بالقرآن ويتساوم معهم في ذلك. قال أبو داود:"سمعت أحمد سئل عن إمام قال لقوم: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا درهماً. قال: أسأل الله العافية، ومن يصلي خلف هذا"[2].
أمَّا أن يصلي الرجل بالناس ويُعطى الجعل الذي خصصه الوالي أو إمام المسلمين فهذا لا حرج فيه. [1] مجموع الفتاوى " 16/50 " [2] مسائل الإمام أحمد لأبي داود " ص63 "