عليها، ويصفون حاله بأنَّه كالورقة في مهب الريح. وهؤلاء يسميهم أهل العلم: القدرية المجبرة.
ولو قارنا بين هاتين العقيدتين وبين جواب النبي صلى الله عليه وسلم: " اعملوا فكلٌّ ميسر لما خلق له " لأدركنا ما لدى كلِّ طائفة من انحراف في هذا الباب. فلو كان الإنسان كالورقة في مهب الريح، هل يصح أن يقال له: اعمل؟!! من ليس له مشيئة لا يخاطب بمثل هذا الخطاب. ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم: " اعملوا" رد على القدرية المجبرة، كما قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [1] أي: طريق الخير وطريق الشر، وكيف يؤمر بالطاعة وينهى عن فعل الحرام مَنْ لا مشيئة له ولا إرادة.
وإذا نظرت إلى عقيدة القدرية النفاة، وهي مبنية على إنكار القدر، وأنَّ الله عز وجل لا علاقة لمشيئته وقدرته بأفعال العباد، تجد الرد عليهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " فكلٌّ ميسر لما خلق له " أي أنَّ الأمور كلَّها بتيسير الله وتوفيقه، فأهل السعادة ييسرهم لعمل أهل السعادة، وأهل الشقاوة ييسرهم لعمل أهل الشقاوة.
وعليه ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم: " اعملوا فكل ميسر لما خُلق له " رد على الطائفتين، وفيه تقرير للمعتقد الحق والقول الصواب: قول أهل السنة والجماعة: أن للإنسان مشيئة وإرادة واختياراً، ولكن مشيئته تبع لمشيئة الله جل وعلا.
" كنا في جنازة في بقيع الغرقد " سمي بقيع الغرقد لأنَّه كان فيه شجر ذو شوك يسمى شجر الغرقد.
" فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة " المخصرة: عود صغير كان بيده صلى الله عليه وسلم. [1] الآية 10 من سورة البلد.