وقد اقتصر المصنف ـ رحمه الله ـ على ذكر أدلة السنة ـ وهي متواترة كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم ـ [1]، لكن في القرآن آيات تدل عليه، منها قول الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [2]، فيعرضون على النار صباحاً ومساءً قبل يوم القيامة، وهذا بلا شك في القبر.
وفي الآية دليل على أنَّ عذاب الكفار في القبر مستمر إلى يوم القيامة، وإذا قامت فعذابهم أشد وأبقى.
أمَّا عصاة الموحدين من أهل الكبائر فعذابهم على قدر كبائرهم ولا يكون مستمراً. فقد""مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، فغرز في كلِّ قبر واحدة. قالوا: يا رسول الله: لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " [3].
وقد اقتضت حكمة الله أن لا يكون عذاب القبر ظاهراً، إذ لو كان ظاهراً لما تدافن الناس، قال صلى الله عليه وسلم:""إنَّ هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه " [4].
فإذا عُذِّبَ الميت في قبره صاح صيحة يسمعها كلُّ من يليه إلا الثقلين، قال النبي صلى الله عليه وسلم:""ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة [1] منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى " 13/35 "، وابن أبي العز في شرح الطحاوية " ص 399 " [2] الآية 46 من سورة غافر. [3] أخرجه البخاري " رقم 218 "، ومسلم " رقم 675 " [4] أخرجه مسلم " رقم 7142 "