يتصرفون في الكون، وأنهم يسمعون كلام من دعاهم ولو من بعد، وأنهم يجيبون دعاءه، وأنهم ينفعون ويضرون، وأنهم يعلمون الغيب"1"، مع أنه ليس لديهم دليل واحد يتمسكون به في هذا الغلو، سوى أحاديث مكذوبة أو واهية ومنامات، وما يزعمونه من الكشف إما كذباً، وإما من أثر تلاعب الشيطان بهم، وقد أدى بهم هذا الغلو إلى الشرك في الألوهية أيضاً، فدعوا الأموات من دون الله، واستغاثوا بهم، وهذا والعياذ بالله من أعظم الشرك"2".
"1" ومن هذا الغلو قول البوصيري في بردته يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
وهذا المدح لا مستند له من كتاب ولا سنة ولا قول صحابي، وإنما هو كذب محض ومعصية للنبي صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن إطرائه بالغلو في مدحه كما سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى. والبوصيري ليس من أهل العلم أصلاً، وإنما هو شاعر برع في النظم، ومع ذلك تجد كثيراً من الصوفية يرددون قصيدته هذه مع ما فيها من الغلو والشرك الصريح، فهم إن استمروا على ذلك ولم يتوبوا منه قد شاركوه في معاندة النبي صلى الله عليه وسلم والاستهانة بسنته، وارتكاب نهيه. ينظر: شذرات الذهب 7/753،754، الاستغاثة 1/308، كشف الظنون 2/1031-1036، جهود الحنفية ص696،802.
"2" قال الشيخ شمس الدين الأفغاني في جهود علماء الحنفية ص823،824:"قال الإمام محمود الألوسي "1170هـ"، وتبعه ابنه نعمان الألوسي "1317هـ" وحفيده شكري الألوسي "1342هـ"، والشيخ غلام الله الملقب عند الحنفية بشيخ القرآن، والعلامة