علمه بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولعنه لمن فعل ذلك عند فراق هذه الحياة لحرصه الشديد على بُعد أمته عنه، فذلك علامة على استهانته بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مبالاته بمخالفتها، وهذا أكبر برهان على نقص محبته للنبي صلى الله عليه وسلم، كما أن فعل ذلك من أعظم أسباب الوقوع في الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في أصحاب القبور والتعلق بهم حتى يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة"1".
الأنبياء والصالحين متبركاً بالصلاة في تلك البقعة فهذا عين المحادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والمخالفة لدينه، وابتداع دين لم يأذن به الله، فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم من أن الصلاة عند القبر – أي قبر كان – لا فضل فيها لذلك، ولا للصلاة في تلك البقعة مزية خير أصلاً، بل مزية شر"، وينظر: فتح الباري لابن رجب 2/441، 442، وينظر كلام الحافظ السيوطي الذي سبق نقله في التعليق المذكور قريباً عند حكاية الإجماع على تحريم الطواف بالقبور تقرباً إلى الله تعالى.
"1" ذكر شيخ الإسلام في الاقتضاء 2/678،679،776 أن هذه العلة – وهي خوف الوقوع في الشرك الأكبر – علة صحيحة للنهي عن اتخاذ القبور مساجد باتفاق العلماء. وينظر: مجموع الفتاوى 11/292، و19/41، و21/321-323، و27/488،489.
وقال الإمام الشافعي في الأم 2/278:"كره - أي النبي صلى الله عليه وسلم - والله أعلم أن يعظمه أحد من المسلمين – يعني يتخذ قبره مسجداً – ولم تؤمن في ذلك الفتنة والضلال على من يأتي بعده". وقال الحافظ السيوطي الشافعي في الأمر بالاتباع ص62:"المقصود الأكبر بالنهي إنما هو مظنة اتخاذها أوثاناً، كما ورد عن الإمام الشافعي، وهذه العلة