أما السلام على المبتدع والرد عليه إذا سلم فهو جائز، لكن يستحب ترك السلام عليه، وترك إجابة سلامِه إذا كان في ذلك مصلحة، كأن يكون ذلك سبباً في تركه لها، أو ليَعْلَم من حوله قبح عمله وعقيدته، ليحذره العامة، ونحو ذلك"1".
77، هجر المبتدع، موقف أهل السنة من أهل الأهواء 2/529-563، الهجر ص162-186.
"1" روى ابن القاسم كما في المدونة 1/84 عن الإمام مالك قال: "لا ينكح أهل البدع ولا ينكح إليهم، ولا يسلم عليهم، ولا يصلى خلفهم"، وروى الخلاّل في السنة باب ذكر الروافض 1/493، 494 أن رجلاً سأل الإمام أحمد عن جار له رافضي هل يسلم عليه؟ قال: لا، وإذا سلَّم عليه لا يرد عليه. وسنده صحيح. وروى ابن هانئ في مسائله باب السنة 2/153 أن رجلاً من الشاكَّة في خلق القرآن سلَّم على الإمام أحمد فلم يرد عليه، فأعاد عليه، فدفعه الإمام أحمد، ولم يسلم عليه. وروى العقيلي في الضعفاء 1/179 عن الأوزاعي أنه لقيه ثور الكلاعي فمدّ ثورٌ يده إليه، فأبى الأوزاعي أن يمد يده إليه، وقال: يا ثور إنه لو كانت الدنيا كانت المقاربة، ولكنه الدين، يقول: لأنه كان قدرياً.
وقال الشاطبي في الاعتصام 1/229 عند ذكره لأحكام أهل البدع: "الثاني: الهجران وترك الكلام والسلام، حسبما تقدم عن جملة من السلف في هجرانهم لمن تلبس ببدعة، وما جاء عن عمر من قصة صبيغ العراقي". وقصة صبيغ رواها الدارمي "150" وابن بطة "330" بإسنادين يقوي أحدهما الآخر، فهو حسن لغيره، وكان يسأل عن المتشابهات، وفيها أن عمر نهى المسلمين عن مجالسته.