responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد نویسنده : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 635
فإن العبادة لا تقوم إلا بقطب رحاها الذي لا تدور إلا عليه، وذلك غاية الذل في غاية المحبة، وكمال الذل يقتضي الخضوع والخشية والاستكانة لله تعالى، وأنه لا يرى نفسه إلا في مقام الذم لها، والمعاتبة لها في حق ربه، وكذلك الحب لا تحصل غايته إلا إذا كان يحب ما يحبه الله، ويكره ما يكرهه الله من الأقوال والأعمال والإرادات، ومحبة المدح من العبد لنفسه تخالف ما يحبه الله منه، والمادح يغره من نفسه فيكون آثمًا، فمقام العبودية يقتضي كراهة المدح رأسًا، والنهي عنه صيانة لهذا المقام، فمتى أخلص العبد الذل لله والمحبة له، خلصت أعماله وصحت، ومتى أدخل عليها ما يشوبها من هذه الشوائب، دخل على مقام العبودية بالنقص أو الفساد، وإذا أداه المدح إلى التعاظم في نفسه والإعجاب بها، وقع في أمر عظيم ينافي العبودية الخاصة، كما في الحديث: "الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني شيئًا منهما عذبته" [1]. وفي الحديث: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" [2]. وهذه الآفات قد تكون محبة المدح سببًا لها وسلمًا إليها، والعجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وأما المادح فقد يفضي به المدح إلى أن ينْزل الممدوح منْزلة لا يستحقها، كما يوجد كثيرًا من أشعارهم من الغلو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر أمته أن يقع منهم، فقد وقع الكثير منه حتى صرحوا فيه بالشرك في الربوبية والإلهية والملك، كما تقدمت الإشارة إلى شيء من ذلك.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما أكمل الله له مقام العبودية صار يكره أن يمدح صيانة لهذا المقام، وأرشد الأمة إلى ترك ذلك نصحًا لهم، وحماية لمقام التوحيد عن أن يدخله ما يفسده أو يضعفه، من الشرك ووسائله {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [3]. ورأوا أن فعل ما نهاهم صلى الله عليه وسلم عن فعله قربة من أفضل القربات، وحسنة من أعظم الحسنات.

[1] مسلم: البر والصلة والآداب (2620) , وأبو داود: اللباس (4090) , وابن ماجه: الزهد (4174) , وأحمد (2/442) .
[2] مسلم: الإيمان (91) , والترمذي: البر والصلة (1998 ,1999) , وأبو داود: اللباس (4091) , وابن ماجه: المقدمة (59) والزهد (4173) , وأحمد (1/399 ,1/412 ,1/416 ,1/451) .
[3] سورة البقرة آية: 59.
نام کتاب : تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد نویسنده : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 635
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست