لمخلوق في شريعته السمحة كفر بالله تعالى، مع أنه كان جائزاً في شرع غيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ كما قال تعالى عن يعقوب وأولاده في سجودهم ليوسف: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} [1]، ولذلك أمر نبينا صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس أنه ما أوحي إليه إلا توحيد الله تعالى في عبادته في قوله: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [2]. وقد تقرر عند الأصوليين والبيانيين أنّ لفظ "إنما" من أدوات الحصر، فدلت الآية على حصر الموحى إليه صلى الله عليه وسلم في أصله الأعظم الذي هو "لا إله إلا الله"؛ لأنها دعوة جميع الرسل، وغيرها من شرائع الإسلام وفروعها التابعة لها. ولهذا صار مكذب رسول واحد مكذبا لجميع الرسل؛ لأن دعوتهم واحدة؛ قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [3]؛ أي بتكذيبهم نوحاً. {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [4]؛ أي بتكذيبهم هودا. [1] سورة يوسف، الآية [100] . [2] سورة الأنبياء، الآية [108] . [3] سورة الشعراء، الآية [105] . [4] سورة الشعراء، الآية [123] .