بعض العلماء: "ادعوني أستجب لكم" اعبدوني أثيبكم عن عبادتكم. ويدلّ لهذا قوله بعده: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} . وقال بعض العلماء "أدعوني أستجب لكم": أي اسألوني أعطكم. ولا منافاة بين القولين؛ لأنّ دعاء الله من أنواع عبادته" [1].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- موضحاً هذا المعنى: "إن المعبود لا بد أن يكون مالكاً للنفع والضر، فهو يدعى للنفع والضر دعاء مسألة. ويدعى خوفاً ورجاء دعاء العبادة. فعلم أن النوعين متلازمان، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة، وعلى هذا فقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [2] يتناول نوعي الدعاء، وبكلّ منها فسرت الآية؛ قيل: أعطيه إذا سألني، وقيل: أثيبه إذا عبدني، والقولان متلازمان، وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعاً" [3].
وهذا ما بينه الشيخ الأمين -رحمه الله- وأوضحه: أن من دعا الله دعاء المسألة فقد اعترف أنه المعبود النافع الضار وحده.
المسألة الثانية: إخفاء الدعاء:
أوضح الشيخ -رحمه الله- أن إخفاء الدعاء أعظم من الجهر به ورفع الصوت، فقال -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً [1] أضواء البيان 7/96. وانظر أيضاً المصدر نفسه 1/183. [2] سورة البقرة، الآية [186] . [3] الفتاوى 15/10-11. وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم 2/778-779، وبدائع الفوائد 3/2-3، وزاد المعاد 1/335.