المطلب الثاني: التوكل
هو الثقة بالله، والاعتماد عليه، والاستعانة به مع الأخذ بالأسباب.
وهو من أعظم أنواع العبادة، ولا يتم إيمان العبد إلا به؛ قال تعالى:
{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه} [1]. وقال سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [2].
عرفه الشيخ -رحمه الله- بقوله: "التوكل على الله: الثقة به، وإسناد الأمور وتفويضها إليه مع تعاطي الأسباب؛ لأن الله أمر بها. ولابد مع تعاطيها من الثقة بأنه لا يقع إلا ما أراد الله تعالى" [3].
وهو -رحمه الله- حين وضح أن التوكل اعتماد على الله، وثقة به مع تعاطي الأسباب أكد أن التوكل لا يكون إلا على من يستحق العبادة، وهو الله جل وعلا؛ يقول -رحمه الله- عند تفسير سورة الفاتحة: "وإتيانه بقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} بعد قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة؛ لأن غيره ليس بيده الأمر. وهذا المعنى المشار إليه هنا جاء مبنياً واضحاً في آيات أخر، كقوله تعالى: {ُفَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه} [4] الآية، وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} [5]، وقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ [1] سورة هود، الآية [123] . [2] سورة المائدة، الآية [23] . [3] معارج الصعود ص307. [4] سورة هود، الآية [123] . [5] سورة التوبة، الآية [129] .