وهو من جنس مقدور الإنس" [1].
وقال أيضاً: "فإنّ الساحر قد يصعد في الهواء والناس ينظرونه، وقد يركب شيئاً من الجمادات؛ إما قصبة، وإما خابية، وإما مكنسة، وإما غير ذلك فيصعد به الهواء، وذلك أنّ الشياطين تحمله. وتفعل الشياطين هذا ونحوه بكثير من العباد والضلال من عباد الشركس ... وكذلك المشي على الماء: قد يجعل له الجن ما يمشي عليه وهو يظن أنه يمشي على الماء، وقد يخيلون إليه أنه التقى طرفا النهر ليعبر، والنهر لم يتغير في نفسه، ولكن خيلوا إليه ذلك" [2].
إذاً: ما يفعله الساحر من هذه الأمور يكون بمساعدة الشيطان له، فتتضافر قدرة الشيطان مع فعل الساحر فيحصل المطلوب.
فالشياطين يتلبسون بالسحرة، ويحققون مآربهم إذا أطاعوهم، لكن لا يستطيعون قلب عين إلى أخرى؛ لأنه ليس بمقدور الخلق فعل ذلك، وإنما هو الله وحده.
والشيخ الأمين -رحمه الله- يميل إلى أنّ هذه الأمور التي يظهر منها أنّ عين الشيء انقلبت إلى أخرى هي من التخييل والشعوذة، وسحر عين الرائي، وليس من قلب الحقيقة إلى أخرى.
ولا شك أن عمل الساحر إما أن يكون بالتأثير على أعين الناس؛ فيرون الشيء على غير حقيقته. وإما أن يكون التأثير في المشاهد بفعل السحر الذي يتم بتعاون الشياطين مع السحرة؛ قال ابن القيم رحمه الله: "إنّ الساحر يفعل هذا وهذا؛ فتارة يتصرف في نفس الرائي وإحساسه حتى يرى الشيء بخلاف ما هو به. وتارة يتصرف في المرئي باستعانته بالأرواح الشيطانية [1] النبوات ص391. [2] المصدر نفسه ص394- 395.