المطلب الثاني: بعض شبه أهل التأويل، وردّ الشيخ عليها
لأهل التأويل شبه قدحت بأذهانهم عطلوا بها صفات الله، فكلما جاءتهم آية وحديث يخالف عقولهم وأفكارهم حرفوه وعطلوه، وقد بنوا معتقدهم على هذه الشبه التي أصلوها من عند أنفسهم زاعمين أنهم ينزهون الله عن صفات النقص ومشابهة الحوادث، وهم في الحقيقة قد شبهوه بالجمادات والمعدومات، وعطلوه عن صفات الكمال التي امتدح بها نفسه سبحانه، وأثنى عليه بها رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الشبه:
الشبهة الأولى: قولهم إن ظاهر الصفة غير مراد؛ لأن ظاهرها التشبيه؛ قال صاحب الجوهرة:
وكل نص أوهم التشبيها
أوله أو فوض ورم تنزيها1
ومعنى هذا أن كل نص في القرآن الكريم والسنة النبوية فيه صفة الله سبحانه وتعالى، ويوهم المشابهة بصفات المخلوقين بزعمهم يصرف عن ظاهره؛ مثل الاستواء: الذي أولوه بالاستيلاء. واليد: التي أولوها بالقدرة. والعين: التي أولوها بالرعاية. والمحبة: بإرادة الإحسان. وهكذا.
وقد ذكر الشيخ الأمين -رحمه الله- مضمون دعواهم هذه، فقال -رحمه الله-: "زعم كثير من النظار الذين عندهم فهم أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها غير لائقة بالله؛ لأن ظواهرها المتبادرة منها هو تشبيه صفات الله بصفات خلقه. وعقد ذلك المَقَريّ[2] في إضاءته في قوله:
1 شرح الصاوي على جوهرة التوحيد ص128. [2] هو أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمن المقري المغربي. ولد في تلمسان، ونشأ بها، ودخل مصر عام (1028) . وتوفي فيها عام (1041?) .
(انظر مقدمة شرح إضاءة الدجنة المسماة بـ (رائحة الجنة) لعبد الغني النابلسي ص7-8، والأعلام 1/237) .