الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [1]، وذلك في قوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [2]. قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى} [3]: لم يبين هنا ما أوتيه موسى وعيسى، ولكنه بينه في مواضع أخرى، فذكر أن ما أوتيه موسى هو التوراة المعبر عنها بالصحف في قوله: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [4]، وذلك كقوله: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب} [5]، وهو التوراة بالإجماع. وذكر أن ما أوتيه عيسى هو الإنجيل، كما في قوله: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الأنْجِيلَ} [6]، وقوله تعالى: {وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} [7]: أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في هذه الآية أن يؤمنوا بما أوتيه جميع النبيين، وأن لا يفرقوا بين أحد منهم، حيث قال: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} إلى قوله: {وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} [8]، ولم يذكر هنا هل فعلوا ذلك أو لا؟ ولم يذكر جزاءهم إذا فعلوه، ولكنه بين كل ذلك في غير هذا الموضع؛ فصرح بأنهم امتثلوا الأمر بقوله: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [9]. وذكر جزاءهم على ذلك بقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} 10"[11]. [1] سورة الأعلى، الآيتان [16-17] . [2] سورة الأعلى، الآيتان [18-19] . [3] سورة البقرة، الآية [136] . [4] سورة الأعلى، الآيتان [18-19] . [5] سورة الأنعام، الآية [154] . [6] سورة الحديد، الآية [27] . [7] سورة البقرة، الآية [136] . [8] سورة البقرة، الآية [136] . [9] سورة البقرة، الآية [285] .
10 سورة النساء، الآية [152] . [11] أضواء البيان 1/148-149.