وقد اشار -رحمه الله- إلى أن القرآن وحي من الله سبحانه وتعالى؛ فقال عند قوله تعالى: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [1]: "أي علم نبيه صلى الله عليه وسلم القرآن، فتلقته أمته عنه. وهذه الآية الكريمة تتضمن رد الله على الكفار في قولهم: إنه تعلم هذا القرآن من بشر كما تقدم، في قوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَر} [2]، وقوله تعالى: {فَقَالَ إِنْ هَذَا إلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [3]؛ أي يرويه محمد عن غيره"[4].
ثم أوضح -رحمه الله- أن القرآن الكريم مهيمن على الكتب السابقة، فاضح لما حرفه اليهود والنصارى، ولما كتموه من الحق؛ فقال: -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} الآية[5]: "لم يبين هنا شيئاً من ذلك الكثير الذي يبينه لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما كانوا يخفون من الكتاب: يعني التوراة والإنجيل، وبين كثيراً منه في مواضع أخر. فمما كانوا يخفون من أحكام التوراة: رجم الزاني المحصن. بينه القرآن في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [6]؛ يعني يدعون إلى التوراة ليحكم بينهم في حد الزاني المحصن بالرجم، وهم معرضون عن ذلك منكرون له. ومن ذلك ما أخفوه من صفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم، وإنكارهم أنهم يعرفون أنه هو الرسول، كما بينه تعالى بقوله: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [7]. ومن ذلك إنكارهم أن الله حرم [1] سورة الرحمن، الآية [2] . [2] سورة النحل، الآية [103] . [3] سورة المدثر، الآية [24] . [4] أضواء البيان 7/733، وانظر المصدر نفسه 7/702. [5] سورة المائدة، الآية [15] . [6] سورة آل عمران، الآية [23] . [7] سورة البقرة، الآية [89] .