{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [1].والله لا أعلم فيها شيئاً من كتاب ولا سنة. وكلام الناس لا أضعه في ذمتي، اذهبوا إلى غيري".
وحدثني الدكتور محمد الخضر الناجي عن هذه المزية العظيمة من مزايا الشيخ - رحمه الله - بقوله: "من أفضل أخلاقه التي تعلمتها منه: هو قوله: "لا أدري" حين يستفتى في بعض الأحيان، والوقف عند مايشتبه من الأمور. ولي معه موقف في هذا الشأن؛ وهو أنني معه ذات يوم، ثقل عليّ الحال لكثرة قوله: "لا أدري، والله أعلم".فاجتمعنا مرة منفردين ليس معنا أحد سوى الله عزّ وجلّ. فقلت له ياشيخي أنتم تقولون دائماً في دروسكم أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ترك هذه الشريعة محجة بيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. ومقتضى هذا أنها واضحة لا لبس فيها ولا غموض يخفى على أحد. ونحن نسأل من نثق بعلمه ومعرفته، فكثيراً ما يجيبنا: "لا أدري.-وأنا بالذات أعنيه هو -.فقال: "يابنيّ هذا بيّنه حديث: "إنّ الحلال بيّن وإن الحرام بينّ، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام "[2].وحديث: "دع مايريبك إلى مالايريبك" [3]؛ ومعنى هذا أنه إذا كان الأمر حلالا، وحليته واضحة، فقل: حلال، ولاتبالي. وإذا كان الأمر حراماً ودليله واضح فقل: حرام، ولاتبالي. وإذا كان مشتبهاً ليس دليل حرمته ولاحليته واضحاً، فالطريق الواضح أمامك، والذي هو كالمحجة البيضاء أن تقول: "لاأدري؛ فهذا هو معنى كونه ترك الناس على محجة بيضاء؛ لأنّ هذا [1] سورة الإسراء، الآية [36] . [2] أخرجه البخاري3/4. وأخرجه مسلم3/1219-1220. [3] أخرجه الترمذي في سننه 4/668، وقال: حديث حسن صحيح.
وأحمد في مسنده1/200، ووصف محقق رياض الصالحين إسناده بأنه صحيح انظر رياض الصالحين ص278.
وقال الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح 2/845:رواه النسائي، وإسناده صحيح.