بعد اليقين، فلا شك ولاريب أنّ من اعتقدها اعتقاداً جازماً مؤمناً بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} لايبقى في قلبه إشكال من عدم مماثلة الخالق بالمخلوق، ولاشك أنّ جميع الصفات من باب واحد؛ لأنّ متعلقها واحد، وهو الذات المقدسة. ولله درّ العالم الأديب بابا ولد الشيخ سيدي يحيى:
واحذر التشبيه بالآيات
وفي الأحاديث عن الثقات
وهي الصفات نصف الرحمن
واجب به
االإيمان
إما على ظاهره نبقيها
ونحذر التأويل والتشبيها
ومن تأول فقد تكلفا
وغير مابه علم قفا
إلى آخر أبياته المشهورة. ولاشك أنّ أهل هذه البلاد تجاوزوا الحدّ وتنطعوا في أمر التأويل، وتكفيرهم لمن لم يقل به.
ويفرقون بين صفاته تعالى مجوزين التفويض في بعضها، ويوجبون التأويل في بعضها، وهذا غلط ظاهر، فلا بدّ من وجوب التأويل في جميع الصفات، أو التفويض في جميع الصفات مما لايليق به جلّ وعلا[1].
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ، فالمتأول يكل المتشابه إلى علم الله مع التنزيه عن مشابهة الحوادث، ولكن كلّ صفة وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم يجب الإيمان بها على مراد الله بها مع التنزيه عن مماثلة الحوادث. وهذا هو معنى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
وأخيراً ولاشك أن هذه الزيارة سيتزود منها العالم الإسلامي كثيراً من التعاليم والإرشادات القيمة التي سيكون لها أثرها الفعال في عقيدة المجتمع الإسلامي، والسير سيراً حثيثاً إلى الأمام، والتمسك بشريعة سيد الأنام. [1] التأويل والتفويض في المعنى كلاهما غير صحيح. والحقّ الإثبات مع معرفة المعنى بدون تأويل.