نام کتاب : حقيقة الإيمان نویسنده : طارق عبد الحليم جلد : 1 صفحه : 137
فمن المعاصي ما هي كبيرة في ذاتها ولو فعلها الإنسان مرة واحدة، كقتل النفس، والزنا وماهي صغيرة في ذاتها - عند فعلها مرة واحدة - مثل النظر إلى ما لا يحل النظر إليه.
أما من جهة تكرار المعصية، فإنها وإن كانت في أصلها صغيرة، فإن تكرارها والإقامة على فعلها يجعلها كبيرة من الكبائر، لأن ذلك يوحي بالاستهانة بالدين وعدم الاكتراث به، وهذا أقل مرتبتة أن يكون كبيرة.
يقول صاحب المنار: ".. وقال بعضهم كإمام الحرمين والغزالي واستحسنه الرازي أنها - أي الكبيرة - كل ما يشعر بالاستهانة بالدين وعدم الاكتراث به، وهو قول مقبول قريب من المعقول" [1] .
فالكبائر هنا تكون: "بحسب قصد فاعلها، وشعوره عند اقترافها، وعقبه، لا في ذاتها وحسب ضررها" [2] كما يقول صاحب المنار.
فالصغيرة إذن في ذاتها تنقلب إلى كبيرة بالتكرار الذي يشعر بالاستهانة وعدم الاكتراث.
وهو معنى ما أوردناه عن ابن عباس فيما رواه الطبري أنه قال: "لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار" [3] ، فاللمم من الذنوب لا يكون لملماً إلا إن لم يتكرر، فإن معناه هو ما يلم بالإنسان بصورة عارضة لا إصرار فيها ولا مداومة.
يقول القرطبي: "وقيل" اللمم هو أن يأتي بذنب لم يكن له بعادة، قاله نفطويه..
وقال الزجاج: "أصل اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان المرة بعد المرة ولا يتعمق فيه ولا يقيم عليه" [4] .
يقول ابن القيم" "وههنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن "الكبيرة" قد يقترن بها - من الحياء، والخوف، والاستعظام لها - ما يلحقها بالصغائر. وقد يقترن بالصغيرة - من قلة الحياء، وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها - ما يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها" [5] . [1] تفسير "المنار" جـ5 ص 41. [2] تفسير "المنار" جـ5 ص 42. [3] رواه "ابن كثير" في تفسيره بسنده عن الطبري وابن أبي حاتم جـ2 ص 247.
(4) "القرطبي" جـ17 ص 108.
(5) "مدارج السالكين" جـ1 ص 328.
نام کتاب : حقيقة الإيمان نویسنده : طارق عبد الحليم جلد : 1 صفحه : 137