وغير ذلك من التهم.
وكانت أرض الأندلس-آنذاك- قد انحسر فيها مد الإسلام واستولى النصارى على كثير من المدن والبلدان, ويكاد ينحصر النفوذ الإسلامي في مملكة غرناطة الممتدة في الجزء الجنوبي من الأندلس إلى ساحل البحر الأبيض, ومضيق جبل طارق.
وكانت الفتن بين الدويلات المفتتة, قد أضعف قوة المسلمين والتصارع بين أبناء الأسر المالكة على تفتيت الفتات المتبقي, قد أثخن أهل ملة الإسلام والاضطرابات والثورات على أشدها, والنصارى يزحفون وبعض ملوك المسلمين يحاربهم, وبعضهم يحارب معهم, وأهل العلم على أقسامهم منهم من قصد للتأليف والتدريس, ومنهم من انزوى للنسك والعبادة, ومنهم من سعى يجاهد ويحرك حميات ذوي البصائر ويستنهض عزمات أهل القلوب, ويقاوم انحرافات أهل الترف والمعاصي, وأهل البدع والمحدثات, ويحاول مد ظل الإسلام الذي تقلص, ورفع لواءه الذي تنكس, وكان من أجلاء هذا الصنف الإمام الشاطبي- رحمه الله- وقد ألف كتابه-الاعتصام- في هذه الأجواء المشحونة, والأحوال المتردية.
وبعد أن حصل عليه من الإنكار ما سبق ذكره, اجتهد في تتبع النظر في البدع, أصول وقواعد قررت الشريعة, وفروع وجزئيات كثيرة لكنها منتظمة تحت تلك الأصول والقواعد, ورأى الالتباس بين السنة والبدعة, وقع بين الناس بسبب كثرة البدع وانتشارها, ودوام الإكباب عليها, وسكوت العلماء عنها مع قلة من صنف في البدعة على الخصوص من حيث التأصيل, وأن الوجوب متأكد بالنسبة إلى من عنده فيها علم, كل ذلك أداه إلى وضع كتاب يشتمل على بيان البدع, وأحكامها وما يتعلق