12. بعد أن ذكر قصة ابن مسعود مع الذين اجتمعوا على الذكر، وإنكاره عليهم، واعتباره الذكر الجماعي بدعة، جعل إنكار ابن مسعود وتبديعه لهؤلاء متوجها ً إلى كونهم من الخوارج، لا لأنهم ابتدعوا هذه الطريقة المحدثة في الذكر ...
وهذا الاستنتاج مناف ٍ للصواب، ومخالف لنص الخبر الوارد عند ابن وضاح، ومنه:
( ... ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحا ً معلوماً، ويهللون ويكبرون، قال: فلبس برنسا ً ثم انطلق فجلس إليهم، فلما عرف ما يقولون رفع البرنس عن رأسه، ثم قال: أنا أبو عبد الرحمن، ثم قال: لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو لقد جئتم ببدعة ظلماً ... ثم قال رجل من بني تميم، والله ما فضلنا أصحاب محمد ٍ علما ً ولا جئنا ببدعة ٍ ظلما ً ولكنا قوم نذكر ربنا، فقال: بلى، والذي نفس ابن مسعود بيده لقد فضلتم أصحاب محمد علما ً أو جئتم ببدعةٍ ظلما ً ... ) الخبر.
وفي البدع لابن وضاح بسنده أن ابن مسعود مر برجل يقص في المسجد على أصحابه هو يقول: سبحوا عشرا ً، وهللوا عشرا ً، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو أضل، بل هذه بل هذه، يعني أضل) .
فأين في هذين الأثرين ذكر الخوارج؟ وصرف تبديع ابن مسعود لهؤلاء عن الذكر الجماعي تعسف يخالف ظاهر الأثر.
أما قوله: بأن (القراء) لقب عرف به الخوارج قبل خروجهم، وتميزوا به عن غيرهم من صالحي المسلمين، ونسبته هذا القول إلى الباعث لأبي شامة