فقال: (فلِكي يأخذ السلوك معنى البدعة وحكمها، يجب أن يمارسه صاحبه على أنه داخل في بنية الدين، وأنه جزء لا يتجزأ منه، مع أنه في واقع الأمر على خلاف ذلك.. وتلك هي روح البدعة وسر تحذير الشارع منها، وذلك هو الملاحظ في تسميتها بدعة - إلى أن قال - إن مناط إنكار البدعة وردها على صاحبها أن المبتدع يقحم في بنية الدين وجوهره ما ليس منه) ، ثم مثل على فهمه هذا بأمور عدها من البدع الحسن، كالاحتفالات ببدء العام الهجري، وبالمولد النبوي والإسراء والمعراج، وبذكرى فتح مكة، وغزوة بدر ... وهذا المعنى مخالف أيضا ً لطريقة السلف في اعتبار العمل المحدث بدعة، إذ قصر البدعة على ما أُدخل في الدين وأقحم فيه واعتبر جزءاً منه.
وهذا الوصف يصح إطلاقه على سائر البدع باعتبار الإحداث الملازم لها، ولكن إطلاقه على البدعة الحقيقية أوضح، وعلى هذا الاعتبار تخرج البدع الإضافية من وصف الابتداع؛ لأنها إنما تكون ملازمة لعمل مشروع في الأصل، فعند النظر إلى العمل من حيث أصله نراه مشروعا ً وعند النظر إلى ما ألحق به نراه مبتدعا ً، وهذه هي البدعة الإضافية..
فإذا طبق هذا الوصف الذي ذكره البوطي على البدعة الإضافية، فإنه لا يتضمنها، ولا تدخل فيه صراحة، وبهذا ينفتح باب الابتداع.
ولذا نراه عندما ذكر بدع الاحتفالات بالمولد والإسراء ونحوها، عدها من السنن الحسنة.
وعلى هذا الفهم لا يدخل في الابتداع عنده ما ألحق بالأعمال المشروعة من محدثات، وهذا ما يطلق عليه اصطلاحا ً بالبدع الإضافية..
ثم إن هذا الاشتراط ينافي القاعدة الكلية (شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) ، ويلغي معاني الاعتصام بالسنة والتحذير من البدعة التي أجمع عليها السلف،