أنه يفعلها لسبب، كقدومه من سفر، أو فتحه لبلد، أو زيارته لقوم أو إتيانه لمسجد قباء، ونحو ذلك مما ثبتت به الأحاديث الصحيحة، وأما فعلها من غير سبب من هذه الأسباب فلم يثبت عنده، فرأى أن ذلك بدعة، وذلك اجتهاد منه رضي الله عنه.
فعلى الجواب الأول يحمل قوله رضي الله عنه على أنه اجتهاد منه في وصف هذا العمل المشروع بالبدعية، وقد يصيب المجتهد وقد يخطئ.
وأما على الجواب الثاني، والثالث، فإن اعتبار التخصيص بصفة ٍ أو هيئة أو سبب ٍ من الأمور التي يرد فيها الاجتهاد أيضا ً، فعلى اعتبار التخصيص هذا تكون البدعة التي أطلقها ابن عمر رضي الله عنهما على هذا العمل بدعة إضافية، اختلط العمل المشروع فيها بما ليس بمشروع، فعلى اعتبار مشروعية العمل يحمل قوله رضي الله عنه: (ما أحدث الناس شيئا ً أحب إلي منها) .
وعلى اعتبار ما لحق صلاة الضحى من ترك ٍ لسبب ٍ، أو اتصاف ٍ بصفة ٍ كالصلاة جماعة، أو في المسجد ونحو ذلك، يحمل قوله رضي الله عنه حين سئل عن صلاة الضحى، فقال: " بدعة ".
القسم الثاني: شبه من كلام العلماء:
كثيرا ً ما يتعلق المحسِّن للبدع والمرغِّب فيها بعبارات وشبهات من كلام العلماء، يحتج بها على ما يريد مدعيا ً أن هذا الكلام البشري هو التوجيه الصحيح للنصوص الشرعية الواردة في البدعة، وأن العالم الفلاني قال في البدعة كذا وكذا، وهو صاحب علم ٍ وفضلٍ وفهم ٍ، وكلامه في هذه المسألة أولى من كلامنا، وفهمه أولى من فهمنا.