وعلى هذا الوجه لا حجة في كلام الشافعي لمحسن البدع، بل الحجة عليه في كلام هذا الإمام.
الوجه الثاني:
قول الشافعي رحمه الله أن ما وافق السنة فهو محمود، وقوله: ما أحدث لا خلاف فيه لواحد من هذا يعني الكتاب والسنة والأثر والإجماع فهذه محدثة غير مذمومة، قول فيه إجمال، يحتاج إلى بيان: فإن كان مراده بالبدعة والمحدثة معناهما اللغوي فهذا المعنى مقبول ووارد، وسياق الكلام يدل على أن هذا هو مراد الشافعي رحمه الله، حيث وصف البدعة المذمومة شرعاً، وبين معالمها، ووضح مسالكها، توضيحاً ستغرق سائر أنواع البدع، ثم عطف بذكر البدع المحمودة، مستدلاً عليها بحديث عمر رضي الله عنه وقد مر قبل قليل أن معنى الكلام إليه لتلائمه مع منزلته وعلمه، ومكانته في هذا الدين.
وعلى هذا التوجيه نفسه يمكن حم لكلام الشافعي في قوله هذا، لاسيما وقد سبق بيانه للبدعة المذمومة شرعاً، وألحق في نهاية كلامه قول عمر رضي الله عنه، وإن كان مراده بقوله هذا معنى آخر غير المعنى اللغوي، فهذا ما يأتي بيانه.
الوجه الثالث:
وهو أن يكون مراده رحمه الله الحوادث التي استجدت وليس عليها بأعيانها أدلة من الكتاب أو السنة أو الآثار أو الإجماع، ولكنها تدخل تحت أصل من الدين، وتنضوي تحت قاعدة من قواعده، وهي ليست من العبادات المحضة.
فهذه الحوادث إذا كانت بهذه الصفة فهي محمودة من جهة الشرع، ولا تسمى بدعاً في الدين، وإن كانت تسمى بدعاً من جهة اللغة. وفي هذا الوجه