نام کتاب : حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض نویسنده : ابن باز جلد : 1 صفحه : 21
محيط بكل شيء، وقدرته شاملة لكل شيء، كما قال سبحانه: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} وهو، مع ذلك سبحانه، قد أعطى العباد العقول والأسماع والأبصار والأدوات التي يستطيعون بها أن يفعلوا ما ينفعهم، ويتركوا ما يضرهم، وأن يعرفوا بها الضار والنافع، والخير والشر، والضلال والهدى، وغير ذلك من الأمور التي مكنّ الله العباد من إدراكها بعقولهم وأسماعهم وأبصارهم، وسائر حواسهم، وجعل لهم، سبحانه، عملا واختيارا ومشيئة، وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته وأمرهم بالأسباب، ووعدهم على طاعته الثواب الجزيل في الدنيا والآخرة، وعلى معاصيه العذاب الأليم، فهم يعملون ويكدحون وتنسب إليهم أعمالهم وطاعاتهم ومعاصيهم لأنهم فعلوها بالمشيئة واختيار، كما قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} , {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} ، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} ، وقال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} الآيات. وقال سبحانه: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، وقال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً} والآيات في هذا المعنى كثيرة وفي الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك مالا يحصى ولكنهم، مع ذلك، لا يخرجون عن مشيئة الله بهذه الأعمال وإرادته الكونية، كما قال عز وجل: {كلاََّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} ، وقال سبحانه: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وقال - عز وجل-: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} ، وبما ذكرنا من هذه الآيات يتضح معنى قوله سبحانه: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} وقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ، فالآية الأولى دلت على أن جميع ما يصيب العباد، مما يحبون ويكرهون، كله مكتوب عليهم، ودلت الثانية على أن الله سبحانه قد رتّب على أعمال العباد وما يقع
نام کتاب : حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض نویسنده : ابن باز جلد : 1 صفحه : 21