العقلاء شيء من الحدس، أو لتقدير مصدره القرائن أو العقل السليم، فيتفق ذلك مع الواقع، كذلك هؤلاء السادة والعظماء قد يحكمون على شيء بعقل أو قرينة، فيتحقق في بعض الأحيان، ويتخلف في بعض الأحيان، أما ما كان عن طريق الوحي والإلهام، فهو لا يقاس على ذلك، ولا يتطرق إليه خطأ، ولا ترتقي إليه شبهة.
استنكار النبي صلى اللَّه عليه وسلم لنسبة علم الغيب إليه:
أخرج البخاري عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: «جاء النبي صلى اللَّه عليه وسلم فدخل حين بُنِيَ عَلَيَّ، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر، إذ قالت إحداهن: " وفينا نبي يعلم ما في غد " فقال: " دعي هذه، وقولي بالذي كنت تقولين» .
وقد دل هذا الحديث على أنه لا يصح أن يعتقد الإنسان في نبي أو ولي، وإمام أو شهيد، أنه يعلم الغيب، حتى لا يصح هذا الاعتقاد في حضرة الرسول صلوات اللَّه وسلامه عليه، ولا يصح أن يمدح بذلك في شعر أو كلام، أو خطبة، أما ما اعتاده الشعراء من المبالغة والإسراف في مدح الرسول صلى اللَّه عليه وسلم أو غيره من الأنبياء والأولياء، والصلحاء والمشايخ، أو الأساتذة، فتخطوا في ذلك حدود الشرع، ونعتوهم في بعض الأحيان بما يليق بالله تعالى، فإذا عورضوا قالوا: إن الشعر جماله المبالغة، وكل شعر تجرد عن المبالغة فهو بالنشر أشبه منه بالشعر، ولكن