تكفل بنصرته، ولكنه شفع له لأنه اطلع على رغبة الملك، وهذا النوع من الشفاعة يسمى " الشفاعة بالإذن ".
فليعلم أنها هي الشفاعة المأذونة الممكنة، وكل شفاعة يتحدث عنها القرآن والحديث، فهي الشفاعة المأذون لها، فيجب على الإنسان أن يظل داعيا لله تعالى، مشفقا منه، مستغيثا به، مقرا بذنوبه بين يديه، مؤمنا بأنه ربه وناصره، لا يعرف له - إذا سرح طرفه، وأرسل خياله - ملجأ ولا ملاذا إلا اللَّه، فلا يعتمد على نصرة سواه، فإنه غفور رحيم، سيفرج الكرب، ويكشف الغم بفضله، ويغفر الذنوب جميعا برحمته، ويأمر من يشاء بشفاعته، فكما أنه يجب أن يكل إليه جميع حاجاته ومآربه، يتحتم عليه أن يكل إليه أمر نصرته وشفاعته، يختار لها من يشاء، ويأمر بها من يشاء، عوضا عن أن يبحث له عن شفيع ومدافع، فيعتمد عليه اعتمادا ينسيه الاعتماد على اللَّه، ويشغله عنه، ويستهين بأحكام الشريعة، ويتخذ ما يدعو إليه هذا الشفيع أو الوكيل من طريق، وما يسلكه من سبيل، شرعة ومنهاجا، ويفضلها على دين اللَّه، وشريعة رسوله، وسنة نبيه، فإنها سُبَّةٌ، تبرأ منها جميع الأنبياء والأولياء، ومقتوها، وهم لا يشفعون لمن تلبس بها، بل يسخطوا عليه ويعاندونه، لأن سر كرامتهم، ومناط شرفهم، أنهم كانوا يريدون مرضاة اللَّه على مرضاة
أزواجهم، وأولادهم، وتلاميذهم، وأتباعهم من عبيد وخدم، وأحبة وأصحاب، فإذا عارض منهم أحد أمرا من أوامر اللَّه تعالى، أو حارب اللَّه ورسوله، عادوه وحاربهم، وما ظنك بهؤلاء العامة الذين لا يتصلون بنسب أو صداقة، أو حب، حتى يقوم هؤلاء بنصرتهم، ويحاجوا اللَّه فيهم، ويكونوا للخائنين خصيما، بل الأمر بالضد، فالحب لله، والبغض لله، قد أصبح شعارا ودثارا، فإذا قضى اللَّه