يشفع، وليس له مجلس كمجالس الملوك، والسلاطين.
بل إن اللَّه أقرب إلى عبده من حبل الوريد، فمن أقبل عليه بقلبه، أقبل عليه بعطفه، ووجده تجاه نفسه، ليس بينه وبين ربه حجاب إلا الغفلة والجهالة، فمن بعد عنه بعد بغفلته، ومن حرم رحمته حرم بجهالته ومعصيته، وهو أقرب من كل قريب، ألا يعرف من دعا شيخا، أو نبيا، وناداهما لنصرته، ليقرباه إلى اللَّه زلفى، أن الشيخ والنبي بعيدان عنه، والله قريب منه، ومثله مثل رجل جالس وحده عند الملك، وقد أقبل عليه الملك يسمع طلبه، وما يبديه من حاجة أو رغبة، فانصرف هذا الرجل الجاهل عن الملك، وبدأ ينادي أميرا أو وزيرا، وهما بعيدان، وسألهما أن يبلغا حاجته إلى هذا الملك العظيم، وهو لا يخلو عن حالين: إما أنه أعمى، وإما أنه مجنون.
وقد أمر النبي صلى اللَّه عليه وسلم في هذا الحديث بأن العبد إذا سنحت له حاجة اضطرته إلى السؤال فليسأل اللَّه، وأنه إذا كان في حاجة إلى إعانة، أو إغاثة فليستعن بالله، وأنه قد رفعت الأقلام، وجفت الصحف، فلا ماحي لما أثبته اللَّه، ولا مثبت لما محاه اللَّه، وأن القضاء واقع، والأمر محتوم، وإن اجتمع الناس كلهم صغيرهم وكبيرهم على أن ينفعوا أحدا، أو يضروه، لم يجاوز ذلك قدر اللَّه.
الصالحون من عباد اللَّه لا يملكون إلا الدعاء والسؤال من اللَّه:
وقد ثبت من هذا الحديث أن ما يعتقده كثير من الجهلة والغوغاء،