يا رسول اللَّه أي الذنب أكبر عند اللَّه؟ قال: " أن تدعو لله ندا وهو خلقك» .
وقد دل هذا الحديث على أن إشراك العبد أحدا لله تعالى في علمه المحيط، وقربه من كل أحد، وقدرته على كل شيء، فيستغيث به ويستصرخه أكبر الكبائر، لأنه ليس في إمكان أحد أن يسعف بحاجته مثله، وأن يكون في كل مكان لا يغيب عنه شيء.
ثم إنه إذا كان الواقع أن اللَّه تعالى هو الذي خلقنا وهو ربنا - ونحن نقر بذلك - وجب علينا أن لا ننادي إلا إياه، ولا نستعين إلا به، وما لنا ولغيره [1] ؟ فمن كان من جملة عبيد ملك وصنائعه، انقطع إليه كليا، وأطبق عينه عن كل ملك ورئيس، فضلا عن وضيع أو خسيس، أيجمل بنا أن نكون أقل غيرة، وأضعف وفاء من المملوك لمولاه المجازي؟ . [1] وقد شنع الإمام عبد القادر الكيلاني على من يشرك بالله غيره، ويعتقد فيه النفع والضرر، والعطاء والمنع، في بلاغة وقوة، فقال: «يا معرضا عن الحق عز وجل، مقبلا، على الخلق، مشركا بهم، إلى متى إقبالك عليهم؟ أيش ينفعونك؟ ليس بأيديهم ضرر ولا نفع، ولا عطاء ولا منع، لا فرق بينهم وبين سائر الجمادات فيما يرجع إلى الضر والنفع، الملك واحد، الضار واحد، النافع واحد، المحرك والمسكن واحد، المسلط واحد، المسخر واحد، المعطي والمانع واحد، الخالق والرازق هو اللَّه عز وجل» . (الفتح الرباني، المجلد الثالث عشر) .