responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 155
الطويل - فقال: صدقت، قال فما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره - وغير ذلك - فقال: صدقت، قال فما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ثم انصرف ونحن نتعجب من تصديقه النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم[1] النبي صلى الله عليه وسلم بعد أمره لهم بطلبه فلم يجدوه بعد انصرافه هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمر دينكم" [2]، ولذلك قد بين لهم قبل ذلك طرق المعارف بحدثهم ودلهم على وجود المحدث لهم، ودلهم على صدقه فيما أنبأهم به عن[3] ربه تعالى على ما قد سلف شرحنا له.
الإجماع الخامس والثلاثون
وأجمعوا على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وليس نقصانه عندنا شك فيما أمرنا بالتصديق به، ولا جهل به، لأن ذلك كفر، وإنما هو نقصان في مرتبة العلم وزيادة البيان كما يختلف وزن طاعتنا وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كنا جميعاً مؤدين للواجب علينا[4].

[1] ساقطة من (ت) .
[2] الحديث أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب 37 ج1/18، وفي تفسير سورة لقمان 6/20، ومسلم في كتاب الإيمان باب 1 ج1/36، والترمذي في أبواب الإيمان باب 4 ج4/119، 120، وابن ماجة في مقدمة سننه باب 9 ج1/24، 25، وأحمد في مسنده ج1/27، 28، 51، 52، 53، ج2/107، 426.
والأشعري لم يذكر الحديث بتمامه كما جاء في المصادر التي أحلت عليها، وواضح أنه قصد بذكر الحديث هنا الاستشهاد به على وقوع التبليغ التام الواضح من النبي صلى الله عليه وسلم لجميع أصول الدين أمام أصحابه وتصديق جبريل عليه السلام له في ذلك، وهذا أمر متفق عليه بين المسلمين، ولم يخالف فيه إلا الزنادقة والملحدين.
وهذا الحديث له شأن عظيم وقدر رفيع لما يحمل من جمل مفيدة ومعان سامية جمعت الدين كله، وقد نقل ابن حجر قول القاضي عياض فيه: "اشتمل هذا الحديث على جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الإيمان ابتداء وحالاً ومآلاً، ومن أعمال الجوارح، ومن إخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال، حتى إن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه". (انظر فتح الباري 1/125) .
[3] ساقطة من (ت) .
[4] أجمع أهل السنة - كما ذكر الأشعري - على أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، قال الإمام أحمد: "إن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة والإيمان يزيد وينقص". (انظر رسالة السنة ص67) .
وقال الإمام البخاري في صحيحه في أول كتاب الإيمان: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس، وهو قول وفعل ويزيد وينقص"، ثم ذكر ما يؤيد ذلك من القرآن والسنة. (انظر 1/7) .
كما ذكر الأشعري أيضاً في حكايته لمذهب أهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص. (انظر مقالات الإسلاميين 1/347) ، وهو بهذا يتفق مع السلف فيما يشمله لفظ الإيمان.
وقال ابن أبي زمنين: "ومن قول أهل السنة أن الإيمان درجات ومنازل يتم ويزيد وينقص، ولولا ذلك لاستوى فيه، ولم يكن للسابق فضل على المسبوق". (انظر كتابه: أصول السنة ق/12/ أ) .
وقال الآجري: "باب ما دل على زيادة الإيمان ونقصانه" ثم ساق كثيراً من الأدلة. (انظر كتابه الشريعة ص111، وهكذا فعل البغوي في كتاب شرح السنة 1/33، كما نقل اللالكائي عن جمع كثير ممن يدور عليهم الإجماع إثبات ذلك. (انظر كتابه أصول اعتقاد أهل السنة ج1/149- 184) .
وقال الحافظ الصابوني: "ومن مذهب أهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ومعرفة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية" (انظر عقيدة السلف وأصحاب الحديث 1/123 ضمن مجموعة الرسائل المنيرية) .
وقال ابن تيمية: "… ولهذا كان أهل السنة والحديث على أنه يتفاضل، وجمهورهم يقولون: يزيد وينقص…، وقد ثبت لفظ الزيادة والنقصان فيه عن الصحابة، ولم يعرف فيه مخالف من الصحابة". (انظر كتاب الإيمان ص210، 211) .
وقال السفاريني: "ومذهب أهل الحق من السلف ومن وافقهم أن الإيمان يتفاضل فيزيد وينقص" (انظر لوامع الأنوار 1/411) .
ولعلنا نلاحظ من كلام السلف السابق ذكره عنهم أنهم نصوا أيضاً على أن الإيمان قول وعمل، وهو الذي استقر عليه الأشعري أخيراً، وقد ذكر ذلك في حكايته لمذهب أهل الحديث فقال: "… ويقرون بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ولا يقولون مخلوق ولا غير مخلوق" (انظر مقالات الإسلاميين 1/347) .
وفي قول الأشعري هنا "وليس نقصانه عندنا شك…". رد على القائلين بأن الإيمان هو التصديق فقط، وأنه لو نقص صار شكاً وإيمان الشاك لا يصح، وهذا يدل أيضاً على أن الأشعري يقول بأن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان؛ لأن زيادة الإيمان ونقصانه لا تكون إلا بالأعمال مع الاعتقاد بالقلب واللسان.
وقد خالف في ذلك المرجئة فقالوا: إن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان والإيمان لا يزيد ولا ينقص وهم على ثلاثة أصناف كما ذكر ابن تيمية، فصنف قال الإيمان مجرد ما في القلب، والصنف الثاني قال: الإيمان هو مجرد قول اللسان، والصنف الثالث قال: الإيمان تصديق القلب وقول اللسان. (انظر مجموع فتاوى ابن تيمية ج7/195، ومقالات الإسلاميين 1/213، والملل والنحل 1/115- 131، واعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ص107) .
وقد ذهب الجهم وأتباعه في هذه المسألة إلى مثل هذه الأقوال الفاسدة وزادوا عليها أقوالاً أخرى أشد فساداً. (انظر في ذلك مقالات الإسلاميين 1/214) .
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست