responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 161
الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون.
وعلى أن الله تعالى يعيدهم[1] كما بدأهم حفاة عراة غرلاً، وأن الأجساد التي أطاعت وعصت هي التي تبعث يوم القيامة وكذلك الجلود التي كانت في الدنيا والألسنة والأيدي والأرجل هي التي تشهد عليهم يوم القيامة[2].
وأن الله تعالى ينصب الموازين لوزن أعمال العباد، فمن ثقلت موازينه أفلح، ومن خفت موازينه خاب وخسر، وأن كفة السيئات تهوي إلى جهنم وأن كفة الحسنات تهوي عند زيادتها إلى الجنة[3].

[1] في (ت) : "يعذبهم".
[2] بعد أن ذكر الأشعري النفخ في الصور الذي به نهاية الدنيا أشار إلى البعث والنشور بعد ذلك، وهذا أمر ثابت بالكتاب والسنة واتفاق جمهور الأمة.
قال الطحاوي: "ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة" (شرح الطحاوية ص353، وانظر الإيمان لابن مندة 3/951، 952) .
قال ابن حزم: "اتفق جميع أهل القبلة على تنابذ فرقهم على القول بالبعث في القيامة، وعلى تكفير من أنكر ذلك…" (انظر الفصل 4/79) .
وقال الحافظ الصابوني: "ويؤمن أهل الدين والسنة بالبعث بعد الموت يوم القيامة، وبكل ما أخبر الله سبحانه من أهوال ذلك اليوم الحق واختلاف أحوال العباد فيه…" (انظر عقيدة السلف وأصحاب الحديث 1/121) .
كما ذكر الأشعري الهيئة التي يحشر الله الناس عليها كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل فيه: "يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً كما خلقوا، ثم قرأ: كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين" الحديث أخرجه مسلم في كتاب الجنة باب 14 ج4/2194، والترمذي في كتاب القيامة باب 3 ج4/615، وقال هذا حديث حسن صحيح، وأحمد في المسند 1/229، ثم ذكر أن الأجساد التي كانت في الدنيا هي بعينها التي تبعث للحساب والجزاء، وهذا من مقتضيات العلم والحكمة والعدل، وقد رد الله على من أنكر ذلك بقوله: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} ولما استبعد المنكر للبعث إعادة العظام النخرة وقال: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} رد الله عليه بقوله: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} والحياة المقصودة هنا عودة العظام البالية إلى البعث والنشور، وهو ما أنكر المكذب للبعث والنشور.
وقد جاء في القرآن والسنة أن أعضاء الإنسان وجوارحه التي أصابت الحسنات وارتكبت السيئات في الدنيا، ستأتي بأعيانها وستنطق على ما قدمت قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وفي الحديث عن أنس بن مالك قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قال قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب: ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى. قال فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني قال فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي قال: فتنطق بأعماله…". الحديث أخرجه مسلم في كتاب الزهد 4/2280.
وقضية البعث والإعادة من القضايا التي اهتم بها القرآن الكريم، وأقام الأدلة الوفيرة عليها، (انظر ما سبق ذكره 131- 133، ومقال بعنوان "مسلك القرآن الكريم في إثبات البعث" للدكتور علي بن محمد ناصر فقيهي في مجلة الجامعة الإسلامية العدد (50، 51) من السنة الثالثة عشر ص65- 103) .
[3] أجمع أهل السنة على أن أعمال العباد توزن يوم القيامة، كما نطق بذلك القرآن الكريم في أكثر من موضع، وكذلك السنة المطهرة، كما نص على ذلك أئمة أهل السنة والجماعة، وقول الأشعري وأن كفة السيئات… الخ يدل بوضوح على أن الميزان له كفتان، وهذا من معتقد السلف، وسيأتي ذكر ما يؤيد ذلك من أقوالهم، حتى يتبين لنا صحة قول الأشعري.
قال الإمام أحمد: "والميزان حق توزن به الحسنات والسيئات كما يشاء الله أن توزن". (انظر رسالة السنة ص73) .
وختم البخاري جامعه الصحيح بقوله: "باب قول الله تعالى: ونضع موازين القسط ليوم القيامة، ثم قال: وأن أعمال بني آدم وقولهم يوزن". (البخاري كتاب التوحيد باب 58 ج8/219) .
كما ذكر الإيمان به عند أهل السنة ابن أبي زمنين في كتابه أصول السنة ق/ 8/ ب، وابن مندة في كتابه الإيمان 3/957، والبيهقي في الاعتقاد ص102) .
وقال أبو إسحاق الزجاج: "أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان ويميل بالأعمال، وأنكرت المعتزلة الميزان، وقالوا: هو عبارة عن العدل فخالفوا الكتاب والسنة…" (انظر فتح الباري 13/538) .
وقال ابن فورك: "أنكر المعتزلة الميزان بناء منهم على أن الأعراض يستحيل وزنها، إذ لا تقوم بأنفسها…" (المرجع السابق نفس الصفحة) .
وقد ذهب جمهور أهل السنة إلى أن الميزان له كفتان كما ذكر الأشعري، والزجاج في كلامهما السابق، وقال شارح الطحاوية "والذي دلت عليه السنة أن ميزان الأعمال له كفتان حسيتان مشاهدتان". (انظر شرح الطحاوية ص366، ومجموع الفتاوى 4/302) .
وقال السفاريني: "والحاصل أن الإيمان بالميزان كأخذ الصحف ثابت بالكتاب والسنة والإجماع…، فقد دلت الآثار على أنه ميزان حقيقي ذو كفتين ولسان، كما قال ابن عباس والحسن البصري…" (انظر لوامع الأنوار 2/184، 185) .
وقد خالف ابن حزم في ذلك، فنفى كفتي الميزان. (انظر الفصل 4/65، 66) وهو مردود بما ذكر سابقاً، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فيقول احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء". الحديث أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان باب 17 ج5/24، وابن ماجة في كتاب الزهد باب 35 ج2/1437، وأحمد في المسند 2/213.
وهذا الحديث قاطع الدلالة في المراد حيث جاء فيه أن السجلات توضع في كفة، والبطاقة في الكفة الأخرى، فالميزان إذا بكفتين، والله أعلم بما وراء ذلك.
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج    جلد : 1  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست